بكثير ، إن سقر (وهي جهنم) لإحدى الدّواهي العظام ، لإنذار البشر وتخويفهم من عقاب الله تعالى على العصيان.
ـ وإن جهنم إنذار واضح لمن أراد أن يتقدم إلى الخير والطاعة ، أو إلى الجنة بالإيمان ، أو يتأخّر عن ذلك إلى الشّرّ والمعصية أو إلى النار ، لإنذار البشر من عقاب الله على العصيان. قال ابن عباس : هذا تهديد وإعلام أن من تقدم إلى الطاعة والإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، جوزي بثواب لا ينقطع ، ومن تأخّر عن الطاعة وكذّب محمدا صلىاللهعليهوسلم ، عوقب عقابا لا ينقطع. وقال الحسن البصري : لا نذير أدهى من النار.
ليس لكل امرئ إلا جزاء عمله ، فكل نفس مأخوذة بعملها ، مرتهنة به ، فإن كان العمل خيرا خلّصها وأعتقها من العذاب ، وإن كان شرّا أوبقها في النار ، أي إن المقصّر مرتهن بسوء عمله.
لكن أصحاب اليمين (والاستثناء هنا منفصل أو منقطع) لأنهم لم يكتسبوا ما هم به مرتهنون. وهم في جنات يتنعمون ، يسأل بعضهم بعضا عن أحوال المجرمين في النار ، ما الذي أدخلكم في جهنم؟ والمقصود من السؤال : زيادة التوبيخ والتخجيل.
فأجابوا بأن هذا العذاب لأمور أربعة : لم نكن في الدنيا نؤدي الصلاة المفروضة ، ولم نحسن إلى أحد ، فلم نطعم الفقير المحتاج ما يجب إعطاؤه ، وكنا نخالط أهل الباطل في باطلهم ، أي كلما غوى غاو غووا معه ، وكنا نكذب بيوم الجزاء أي القيامة ، حتى أتانا الموت. والتكذيب بيوم القيامة كفر صراح بالله تعالى. فهذه أسباب أربعة لازمتنا طوال حياتنا الدنيوية : ترك الصلاة ، والزكاة ، والخوض في باطل الكلام أو الغواية ، وإنكار البعث والحساب والجزاء. وكون الأمرين الأولين سبب النار دليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
فمن كان متّصفا بمثل هذه الصفات ، فلا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه ، من ملائكة وأنبياء وصالحين ، لأن مصيرهم إلى النار حتما.