ما قبلها من السيئات : وهي الندم بالقلب على الذنب ، والاستغفار باللسان ، والإقلاع البدني عن المعصية ، والعزم على ترك العودة إلى العصيان ، عسى وهي هنا ترجية ، أي لعل الله أن يمحو سيئات أعمالكم التي قارفتموها ، ويدخلكم بساتين تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار ، حين لا يوقع نبيّه والمؤمنين أتباعه بالمكروه بترك أو نقص شيء أو سوء منزلة ، بل يعزّهم ويكرمهم ، وحين ترى نور المؤمنين يضيء لهم طريقهم ، ويسبقهم أمامهم ، ويجاورهم عن أيمانهم ، حال مشيهم على الصراط ، كما جاء في آية أخرى : (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) [الحديد : ٥٧ / ٢٨]. ويبقى النّبي صلىاللهعليهوسلم مخصوصا مفضّلا بأنه لا يخزي.
ويدعو المؤمنون حين يطفئ الله نور المنافقين يوم القيامة ، قائلين : (رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) أي أبقه لنا ، وأدمه علينا ، فلا ينطفئ حتى نتجاوز الصراط ، واستر ذنوبنا وتجاوز عن سيئاتنا ، ولا تفضحنا بالعقاب ، واغفر لنا ذنوبنا ، وحقّق رجاءنا ، إنك القادر التامّ القدرة على كل شيء.
ثم أكّد الله تعالى أمر الجهاد وفرضه المتقدّم ، فيا أيها النّبي القائد ، دم على جهاد الكفار بالسيف ، وجاهد المنافقين بإقامة الحدود عليهم ، واضربهم على جرائمهم ، وعند قوة الظن بهم ، ولكن دون تعيين الله لرسوله منافقا يقع القطع بنفاقه. وليكن جهادك للفريقين بعنف وقسوة قلب ، وشدة وانتهار ، وقلة رفق بهم ، وشدّد عليهم في الدعوة إلى الإسلام في الدنيا ، ومثواهم جهنم في الآخرة ، وساء المرجع مرجعهم. وعذابهم في الدنيا حين التأكّد من نفاق بعضهم : الطّرد من المسجد ،فقد أمر النّبي صلىاللهعليهوسلم بعضهم قائلا : اخرج يا فلان.
وسيكون مقر الفريقين من الكفار والمنافقين نار جهنم ، فلا أمل لهم بعد هذا البيان بالنجاة أو التخلّص من العذاب.