فإذا اقترب انتهاء العدة ، وشارفت المعتدات على انقضاء العدة ، أي اقترب وقت انتهاء العدة ، فعليكم أيها الأزواج اختيار أحد أمرين : إما الإمساك بالمعروف : وهو الرجعة إلى عصمة الزوج واستمرار الزوجية ، مع إحسان الصحبة والمعاشرة بالمعروف كما أمر الله تعالى ، وإما المفارقة بالمعروف ، أي تركهن إلى انقضاء عدتهن ، مع إيفاء حقّهن واتّقاء الإضرار بهن ، من غير توبيخ ولا مشاتمة ، بل تنفصل المرأة على وجه حسن.
ويأمركم الله بالإشهاد على الرجعة أو الفراق من شاهدي عدل ، حسما للخلاف ، وإعلاما للناس حتى لا يطعن بالزوج إن راجع ، أو بالمرأة إن تزوجت بزوج آخر ، وأدّوا أيها الشهود الشهادة خالصة لوجه الله ، دون تحيّز أو ميل لأحد الخصمين. وهذه الشهادة على الرجعة والفراق مندوبة باتّفاق المذاهب الأربعة ، للإجماع على عدم وجوبها عند الطلاق ، فكذلك عند الإمساك.
ذلكم المذكور الذي أمرناكم به من الإشهاد وإخلاص الشهادة لله تعالى ، وإيقاع الطلاق على وجه السّنة ، وإحصاء العدة ، والكفّ عن الخروج والإخراج ، إنما يأتمر به من يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويخاف عقاب الله في الآخرة.
ومن يتّق الله فيما أمره به وترك ما نهاه عنه ، ويقف عند حدوده ، يجعل له مخرجا أو مخلصا مما وقع فيه ، ويرزقه ما يطعم أهله ويوسع عليه ، على وجه لا يخطر بباله ، ولا يكون في حسابه.
ومن يفوّض أمره لله فيما نابه ، فالله كافيه ، إن الله يبلغ ما يريده ، ويحقق مراده ، قد جعل للأشياء قدرا محددا قبل وجودها ، وقدّر لها أوقاتها. والآية كلها عظة لجميع الناس وحضّ على التوكّل.
نزلت آية : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) كما أخرج الحاكم عن جابر : في رجل من أشجع ،