نزلت الآية الأولى يوم فتح مكة ، فإنه صلىاللهعليهوسلم لما فرغ من بيعة الرجال ، أخذ في بيعة النساء. أخرج البخاري عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يمتحن من هاجرن إليه بهذه الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ ..) الآية ، فمن أقرّت بهذا الشرط من المؤمنات ، قال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد بايعتك» كلاما ، ولا ، والله ما مسّت يده يد امرأة في المبايعة قط ، ما بايعهن إلا بقوله : قد بايعتك على ذلك».
والمعنى : إذا جاءك أيها النّبي المؤمنات بالله ورسوله ، يعاهدنك ويقصدن مبايعتك على الإسلام والطاعة ، فبايعهن على ألا يشركن بالله شيئا من وثن أو حجر أو ملك أو كوكب أو بشر ، ولا يسرقن من أموال الناس شيئا ، ولا يزنين ، ولا يقتلن أولادهن ، أي بالوأد وغيره ، وهو ما كانت تفعله الجاهلية من وأد البنات ، ولا يلحقن بأزواجهن أولادا ليسوا لهم.
ولا يعصينك في أمر معروف : وهو كل ما وافق طاعة لله ، أي كل ما أقرّ به الشّرع ، أو نهى عنه ، كالنهي عن النّوح وتمزيق الثياب ، وجزّ الشعر ، وشقّ الجيب ، وخمش الوجوه ، والدعاء بالويل ، والخلوة بالأجنبي غير المحرم ، فبايعهن ، واطلب من الله المغفرة لهن ، بعد هذه المبايعة منك ، إن الله واسع المغفرة لذنوب عباده التائبين ، رحيم بهم ، فلا يعذبهم بما اقترفوه قبل الإسلام.
وكانت بنود بيعة النساء هذه ، قد بويع بها الرجال أيضا. روى البخاري عن عبادة ابن الصامت قال : كنا عند النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا»؟ قرأ آية النّساء ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فعوقب ، فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فستره الله ، فهو إلى الله ، إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له منها».
لقد أجمع الصحابة على أن النّبي صلىاللهعليهوسلم لم تمسّ يده الشريفة يد امرأة أجنبية ، أخرج