أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩) وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠)) (١) (٢) (٣) [الحشر : ٥٩ / ٦ ـ ١٠].
هذا حكم قسمة الفيء ، وإعلام أن ما أخذ من بني النضير ومن فدك فهو خاص للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وليس على حكم الغنيمة التي تؤخذ من العدو بطريق العنوة أو القتال ، وإنما حكمه حكم خمس الغنائم تصرف في المصالح العامة ، فما ردّه الله تعالى على رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم وصيّره إليه من أموال الكفار بني النضير فهو آت من غير قتال ، ولكن الله يسلّط بقدرته وتدبيره رسله على من يشاء من أعدائه ، فيأخذون أموالهم دون قتال ، والله قادر على كل شيء ، يفعل ما يشاء بمن يشاء. وفي ذلك قال عمر رضي الله عنه : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله تعالى على رسوله صلىاللهعليهوسلم ، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينفق منها على أهله نفقه سنة ، وما بقي منها جعله في السلاح والكراع (الخيل) عدّة في سبيل الله تعالى.
ومصارف الفيء : هي أن كل ما ردّه الله تعالى على رسوله صلىاللهعليهوسلم من كفار أهل القرى ، كقريظة والنضير وفدك وخيبر ، صلحا من غير قتال ، ولم ينتزع بإيجاف خيل (وهو السرعة في الجري) ولا ركاب وهي الإبل الخاصة ، يحكم الله به بما يشاء ، فيكون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته ، يتصرف به بحسب ما يراه من المصلحة ، ثم يكون من بعده مصروفا في مصالح المسلمين العامة. ويقسم خمسة أقسام : سهم الله تعالى ورسوله : هو للرسول في حياته ، ولمصالح المسلمين من بعده ، وسهم قرابة الرسول صلىاللهعليهوسلم : وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وسهم اليتامى ، وسهم المساكين ، وسهم ابن السبيل (المسافر المنقطع عن بلده في سفره) والأربعة الأخماس الباقية لمصالح المسلمين
__________________
(١) حاجة.
(٢) من يحمى ويمنع من بخل نفسه.
(٣) حقدا وحسدا.