والدارمي وأحمد ، عن أبي هريرة : أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ، فيجلس فيه ، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا».
فيكون القيام من المجلس منهيّا عنه ، لهذا الحديث. أما القيام إجلالا للقادم فجائز بالحديث الذي أخرجه البخاري وأبو داود وأحمد ، عن أبي أمامة بن سهل : أن النّبي صلىاللهعليهوسلم حين أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه قال : «قوموا إلى سيدكم». وواجب على المعظّم ألا يحبّ ذلك ويأخذ الناس به ، لحديث أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن معاوية : «من أحبّ أن يتمثّل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار».
وإذا قيل لكم ارتفعوا وقوموا من المجلس ، فافعلوا ذلك ، وقد نزلت الآية آمرة بالقيام من المجلس ، متى فهم ذلك بقول أو فعل ، تمكينا من جلوس آخرين.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : أنها نزلت يوم الجمعة ، وقد جاء ناس من أهل بدر ، وفي المكان ضيق ، فلم يفسح لهم ، فقاموا على أرجلهم ، فأقام صلىاللهعليهوسلم نفرا بعدّتهم ، وأجلسهم مكانهم ، فكره أولئك النفر ذلك ، فنزلت آية (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا).
وعلّة الأمر بالقيام للآخرين ، وهو جواب الأمر بالنشوز أو النهوض : هو أن الله تعالى يرفع منازل المؤمنين في الدنيا والآخرة ، بتوفير نصيبهم فيها ، ويرفع أيضا بصفة خاصة منازل العلماء درجات عالية ، في الكرامة في الدنيا ، والثواب في الآخرة ، فمن جمع الإيمان والعمل رفعه الله بهما درجات ، ومنه الرفع في المجالس ، والله خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه ، مطّلع على أحوال ونوايا جميع عباده ، ومجازيهم عليها بما يناسب ، من خير أو شرّ.
ثم أمر الله تعالى بالصدقة قبل مناجاة الرسول صلىاللهعليهوسلم. أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى شقّوا عليه ، فأراد