الفاكهة الكثيرة ما شاؤوا ، فهي لا تنقطع أبدا في وقت من الأوقات ، كما تنقطع فواكه الدنيا أحيانا ، ولا تمنع عمن أرادها في أي وقت ، على أي صفة ، أعدت لمن أرادها.
ويجلسون وينامون على فرش مرفوعة على الأسرّة ، وذات رفعة ، والفرش : الأسرّة ، جمع فراش : وهو ما يفترش للجلوس عليه أو النوم عليه ، وقال أبو عبيدة وغيره : أراد بالفرش النّساء. والمرفوعة : معناه المرتفعة الأقدار والمنازل. ثم أشار الله تعالى إلى نساء أهل الجنة ، والضمير في رأي قتادة عائد على الحور العين المذكورات قبل ، أو إلى الفرش المرفوعة ، أي النساء في رأي أبي عبيدة معمر ، وإن لم يتقدم لهن ذكر ، لدلالة المعنى على المقصد ، كقوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٨ / ٣٢].
وهؤلاء النّساء يتجدد خلقهن ، فقال الله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) (٣٥) أي خلقناهنّ شيئا بعد شيء ، وأوجدناهنّ خلقا جديدا ، من غير توالد ، وجعلناهن بكارى عذارى لم يفتضهن قبلهم إنس ولا جان. وكلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا ، من غير وجع ، كما في حديث رواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا».
وهنّ عرب أتراب ، أي متحبّبات إلى أزواجهن ، عشقا لهم ، من غير سابق معرفة ، ومتساويات السّن والشكل والقدّ ، حتى يقول الرائي : هم أتراب.
وأصحاب اليمين : هم سالف الأمم ، جماعة عظيمة من الأولين ، وهم مؤمنو الأمم الماضية ، وجماعة من الآخرين ، وهم مؤمنو هذه الأمة ، أتباع النّبي صلىاللهعليهوسلم إلى يوم القيامة. ويرى ابن عطية رحمهالله : بل جميعهم من هذه الأمة ، إلا من كان من السابقين. ورأى آخرون الفرقتين في أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فالتابعون بإحسان ، ونحوهم هم الثّلة الأولى ، وسائر الأمة ثلة أخرى في آخر الزمان.