وهذه كلها أسماء تقتضي تعظيمها وتشنيع أمرها ، ليس لوقوعها صارف ولا دافع ، ولا بد من أن تكون ، وليس لها تكذيب ولا رد. وكلمة (كاذِبَةٌ) إما مصدر كالعاقبة والعافية وخائنة الأعين ، أي ليس لها تكذيب ولا ردّ ، وهذا قول قتادة والحسن ، وإما أن تكون صفة لمقدّر ، كأنه تعالى قال : ليس لوقعتها حال كاذبة.
ـ وهي خافضة أقواما كانوا في الدنيا مرفوعين ، فتجعلهم في الجحيم ، وهم الكفرة والفسقة ، ورافعة أقواما كانوا في الدنيا مغمورين ، فتجعلهم في الجنة ، وهم المؤمنون. فقوله : (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣) خبر لمبتدأ ، أي هي خافضة رافعة.
ـ إذا زلزلت وحرّكت الأرض بعنف تحريكا شديدا ، حتى ينهدم كل ما عليها من بناء وجبال.
ـ وفتّتت الجبال فتّا ، وصارت غبارا متفرّقا منتشرا أو شائعا في الهواء ، كالهباء (١) الذي يطير في النار. وهذا يدلّ على دكّ الجبال وزوالها عن أماكنها يوم القيامة.
ـ وأصبحتم يوم القيامة من قسمين إلى ثلاثة أصناف : أهل اليمين أصحاب الجنة ، وأهل الشمال أهل النار ، والسابقون إلى الإيمان هم السابقون إلى الجنة والرحمة ، وهم الأنبياء والرّسل والصّديقون والشهداء.
فأصحاب اليمين : هم الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذون إلى الجنة ، فما أحسن حالهم وصفتهم وأكمل سعادتهم!
وقوله : (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) لتفخيم شأنهم وتعظيم أمرهم. وقوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) مبتدأ ، والفاء تدلّ على التفسير ، وقوله : (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ما : مبتدأ ثان ، وأصحاب الميمنة : خبر : ما ، والجملة خبر المبتدأ الأول.
__________________
(١) الهباء : ما يتطاير في الهواء من الأجزاء الدقيقة ، ولا يكاد يرى إلا في الشمس الداخلة من نافذة.