والقضية ليست تمنيات ، بل إن الإنسان يقرر ما يتمنى ويتصور ، وليس كل من تمنى خيرا حصل له ، وليس لهم ما يتمنون من كون الأصنام تنفعهم وتشفع لهم ، فالسلطان ليس لغير الله ، وليس للأصنام مع الله أمر ولا شأن في الدنيا ولا في الآخرة ، كما جاء في آية أخرى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) [النساء : ٤ / ١٢٣].
وطريق الشفاعة هو : كثير من الملائكة الكرام في السماء ، مع كثرة عبادتها وكرامتها على الله ، لا تشفع لأحد إلا لمن أذن ورضي الله أن يشفع له ، فكيف بهذه الجمادات؟.
ثم أنكر الله تعالى على المشركين جعلهم الملائكة بنات الله ووصفهم بالأنوثة ، فالذين لا يصدقون بوجود الآخرة والحساب والعقاب يزعمون أن الملائكة إناث ، وأنهم بنات الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وليس لهؤلاء المشركين علم صحيح بصدق ما قالوه ، ولا معرفة ولا برهان ، فإنهم لم يعرفوهم ولا شاهدوهم ، وما يتبعون في زعمهم إلا التوهم أو الظن الذي لا أساس له من الصحة ، ومثل هذا الظن لا يجدي شيئا ، ولا يقوم أبدا مقام الحق ، فأعرض أيها الرسول عمن أعرض عن القرآن أو تذكير الله ، ولم يكن همّه إلا الدنيا ، وترك النظر إلى الآخرة ، فاترك مجادلتهم والاهتمام بشأنهم فقد بلّغت ما أمرت به ، وليس عليك إلا البلاغ. وقوله : (وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) يدل على إنكارهم البعث والحشر.
إن أمر الدنيا وطلبها هو منتهى ما وصلوا إليه من العلم ، فلا يلتفتون إلى ما سواه من أمر الدين ، إن ربك هو عالم بمن انحرف عن سبيله ، سبيل الحق والهدى ، وعالم بمن اهتدى إلى الدين الحق ، فأعرض عنهم ، لأن الله هو الخالق لكل شيء ، وسيجازي كل فريق أو أحد على عمله.