أنت عليه من تذكير الناس وموعظتهم ، فلست بحمد الله بكاهن تدعي الإخبار عن الماضي بلا وحي ، ولا بمجنون : يتخبطه الشيطان من المس.
بل يقولون : إنه شاعر ننتظر به حوادث الأيام ومصائبها ، فيموت كما مات غيره ، والريب : الشك ، وأطلق على الحوادث على سبيل الاستعارة التصريحية ، لعدم البقاء والدوام على الحال ، والمنون : الدهر ، لأنه يقطع الأجل ، وهذا إنكار من الله عليهم باتهامهم الرسول مما ليس فيه ، ثم هددهم الله : فقل لهم أيها الرسول : انتظروا موتي أو هلاكي ، فإني معكم من المنتظرين عاقبة الأمر ، وقضاء الله فيكم.
أأنزل عليهم شيء من السماء ، أم تأمرهم عقولهم بهذا الكلام المتناقض ، وهو زعمهم أن القرآن سحر أو كهانة ، أو شعر ، وقولهم في الرسول : إنه كاهن أو شاعر أو مجنون. أم إنهم قوم طغاة تجاوزوا الحد في العناد والضلال عن الحق.
أم إنهم يقولون : إن محمدا اختلق القرآن وافتراه من عند نفسه ، بل في الواقع إنهم لا يؤمنون بالله ، ولا يصدقون بما جاء به رسوله.
فإن ص دقوا في زعمهم هذا بأن محمدا افترى القرآن ، فليأتوا بمثل هذا القرآن في نظمه وسمو بلاغته ، وبديع أسلوبه ، وعظمة بيانه. والواقع أنهم لو اجتمعت معهم الجن وجميع الإنس ، ما جاؤوا بمثله أو بمثل سورة منه ذات موضوع معين.
ثم أبطل الله شرك المشركين وردّ على إنكارهم وحدانية الخالق ، فهل وجدوا من غير موجد ، أم إنهم أوجدوا أنفسهم؟ وبما أن الأمرين منتفيان عقلا وواقعا ، فالله هو الذي خلقهم ، وهو الإله الواحد.
وهل خلقوا السماوات والأرض وما فيهما من العجائب ، وأسباب العيش ، ليدعوهم ذلك إلى التكبر ، بل في الواقع إنهم غير مستيقنين حقا بأن الله هو الخالق ، خلافا لإقرارهم ، فهم لا يوقنون ولا ينظرون نظرا يؤديهم إلى اليقين. وخص الله من