الجحيم. فاكهين (فرحين مسرورين) بما منحهم الله من النعيم ، من أصناف الملاذ في المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب والفرش والحور العين وغير ذلك ، وحماهم الله من عذاب النار ، وتلك نعمة مستقلة بذاتها ، تضم إلى نعمة دخول الجنة ، والوقاية من العذاب : تظهر في متقي المعاصي الذي لا يدخل النار. وأما متقي الشرك الذي يعذب على معاص أخرى ، فوقاهم ربهم عذاب الخلود في الجحيم.
وتقول لهم ملائكة الرضوان في الجنة مهنئة لهم : كلوا من طيبات الرزق ، واشربوا مما لذّ وصفا وطاب ، من غير نكد ولا كدر ، بسبب ما قدمتم من أعمال صالحة في الدنيا ، تفضلا من الله وإحسانا.
وأنواع المتع الأخرى أنهم والحال يجلسون على أسرّة مصفوفة ، متصل بعضها ببعض ، حتى تصير صفا واحدا ، للدلالة على الاطمئنان والراحة وفراغ البال من الشواغل ، ويزوجهم ربهم بقرينات صالحات هن الحور العين : ذوات البياض في الجسم ، وبياض العين مع شدة سواد المقلة ، وواسعات الأعين.
ومن زيادة النعم والفضل والإحسان : أن الله تعالى يلحق الذرية الذرية المؤمنة كبارا وصغارا على القول الأرجح ، بالآباء المؤمنين ، والمعنى : يرفع ذرية المؤمن إليه ، بشفاعته التي يأذن الله بها. وإن لم يكونوا في التقوى والأعمال كالآباء ، فإنه سبحانه يلحق الأبناء بمراتب أولئك الآباء كرامة للآباء ، جاء في حديث أخرجه سعيد بن منصور وابن جرير وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : «إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في الجنة ، وإن كانوا دونه في العمل لتقرّ بهم عينه» ثم قرأ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) الآية. وقوله : (بِإِيمانٍ) : هو في موضع الحال.
ولا ينقص الله الآباء نعمة أو ثوابا لأعمالهم ، بإلحاق ذريتهم بهم ، وكل إنسان مرتهن يوم القيامة بعمله ، فلا يتحمل أحد ذنب شخص آخر ، أيا كان أبا أو ابنا ،