المعنى : أقسم (أنا الحق) بالطور ، أي بكل الجبال ، والطور اسم جنس للجبال عند أهل اللغة ، وبالكتاب المكتوب أسطارا الذي يشمل الكتب الإلهية المنزلة كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وغيرها ، في الورق المعد للكتابة ، المبسوط غير المطوي ، وبالكعبة المشرفة التي تعمّر كل عام بالحجاج والزوار ، وتعميرها للإعلام بشأن الكعبة ، وبالسماء العالية التي هي كالسقف ، وبالبحر المملوء ماء ، المحبوس عن الأرض ، إن المقسم عليه وهو عذاب الله لواقع كائن في القيامة لا محالة ، لمن يستحقه من الكافرين والعصاة الذين كذبوا الرسل.
ويصاحب وقوع العذاب : اضطراب السماء اضطرابا شديدا ، وإزالة الجبال من مواضعها كسير السحاب ، وصيرورتها هباء كالصوف المندوف.
فويل ، أي هلاك وسوء ومشقة أو واد في جهنم لأولئك الذين كذّبوا الرسل ، في ذلك اليوم ، من شدة هذا العذاب ، وهم الذين كانوا يتخبطون في الأباطيل ، فيكذبون بالقرآن ، ويستهزئون بالنبي. والفاء في قوله (فَوَيْلٌ) لاتصال المعنى ، وهو الاعلام بأمان أهل الإيمان ، أما أهل الكبائر من المسلمين فلا يخلّدون في النار ، لأنهم لا يكذبون الرسل.
ويكون إلقاء المكذبين في النار بأن يدفعوا إليها دفعا عنيفا شديدا ، وفي إهانة وتعتعة. وكلمة (يَوْمَ يُدَعُّونَ) يوم : بدل من (يَوْمَئِذٍ).
ويقال لهم تقريعا وتوبيخا من قبل الزبانية ـ وهذا كلام محذوف مختصر ـ : هذه النار التي تشاهدونها هي النار التي كنتم تكذبون بها في الدنيا ، والتكذيب بها : تكذيب للرسول الذي أخبر بها من طريق الوحي.
ويقال لهم أيضا تذكيرا بما كانوا يقولون في الدنيا : أهذا الذي ترون : سحر كما