استراح يوم السبت ، فنزلت : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) أي تعب وإعياء. وتظاهرت الأحاديث بأن بدء خلق الأشياء كان يوم الأحد ، وعند مسلم وفي الدلائل للبيهقي : أن ذلك كان يوم السبت. وأجمعوا على أن آدم عليهالسلام خلق يوم الجمعة.
ثم أمر الله نبيه بأوامر في مواجهة منكري البعث : وهي اصبر أيها الرسول على ما يقوله المشركون المكذبون بالبعث ، وعلى ما يقوله بعض أهل الكتاب : ثم استراح يوم السبت. ونزّه الله دائما عن كل عجز ونقص ، مقرونا التسبيح بالحمد دائما ، قائلا : سبحان الله وبحمده ، وقت الفجر ووقت العصر ، وبعض الليل ، وفي أعقاب (أدبار) الصلوات. والمراد بالتسبيح والتحميد قبل طلوع الشمس : صلاة الفجر ، وقبل الغروب : صلاة الظهر والعصر ، ومن الليل : العشاءان ، وأدبار السجود : النوافل بعد الفرائض. وقوله تعالى : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) يراد به أهل الكتاب وغيرهم من الكفرة ، وذلك يشمل جميع الأقوال الزائفة من قريش وغيرهم.
واستمع ، أي انتظر أيها الرسول صيحة القيامة : وهي النفخة الثانية في صور إسرافيل عليهالسلام ، يوم ينادي نداء يسمعه جميع أهل المحشر قائلا : هلموا إلى الحساب (١) ، فيخرجون من قبورهم. وقوله : (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلائق.
وصيحة البعث كائنة حقا ، وهي يوم سماع النفخة الثانية في الصور التي تنذر بالبعث والحشر والجزاء على الأعمال ، وذلك يوم الخروج من القبور. إننا وحدنا نحن الإله نحيي الموتى في الدنيا والآخرة ، ونميت الأحياء في الدنيا حين انقضاء الآجال ،
__________________
(١) أخرج ابن عساكر والواسطي عن يزيد بن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أن ملكا ينادي من السماء : أيتها الأجساد الهامدة ، والعظام البالية ، والمرمم الواهية ، هلم إلى الحشر والوقوف بين يدي الله تعالى.