ووقت هذا العذاب : حين جعل الذين كفروا في مكة في قلوبهم أنفة الجاهلية التي لا تعرف المنطق والحق والعدل ، وهو قولهم : «واللات والعزّى لا يدخلونها علينا» وإباؤهم كتابة البسملة ووصف محمد بأنه رسول الله ، في مقدمة صلح الحديبية.
فأنزل الله تعالى الطمأنينة والثبات والصبر على رسوله وعلى المؤمنين ، حيث لم يدخلهم ما دخل أهل الكفر من الحمية ، وثبّتهم على الرضا والتسليم ، وألزمهم كلمة التقوى : وهي عند الجمهور (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله) وتعظيم الحرم ، وترك القتال فيه ، ولم يستفزهم صنيع الكفرة المشركين ، لانتهاك حرمة الحرم.
وكان المؤمنون أهل هذه الكلمة على الإطلاق ، في علم الله تعالى وسابق قضائه سبحانه لهم ، فهم أهل الحق والاعتقاد الصحيح ، على نقيض المشركين ذوي العقيدة الفاسدة ، وكان الله وما يزال عليما بمن يستحق الخير ، ممن يستحق الشر ، وهذا إشارة إلى علمه تعالى بالمؤمنين الذين دفع الله السوء بسببهم عن كفار قريش ، وإلى علمه بوجه المصلحة في صلح الحديبية ، فيروى أنه لما انعقد هذا الصلح ، أمن الناس في تلك المدة الحرب والفتنة ، وامتزجوا ، وعلت دعوة الإسلام ، وانقاد إليه كل من كان له فهم من العرب ، وزاد عدد المسلمين في تلك المدة أضعاف ما كان قبل ذلك ، فقد كان الرسول صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية في ألف وأربع مائة ، ثم سار إلى مكة بعد ذلك بعامين في عشرة آلاف فارس.
تحقيق رؤيا النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأوصافه وأصحابه
رؤيا الأنبياء حق وجزء من الوحي ، ولقد رأى النبي صلىاللهعليهوسلم في منامه عند خروجه إلى العمرة ، أنه يطوف بالبيت الحرام هو وأصحابه ، بعضهم محلّقون ، وبعضهم مقصرون ، وقال مجاهد : أري ذلك بالحديبية ، فأخبر الناس بهذه الرؤيا ، ووثق