افتتحت السورة بالأحرف المقطعة للتنبيه على ما يأتي في السورة ، ولتحدي العرب بالإتيان بمثل القرآن أو آية منه. وتقترن هذه الأحرف غالبا بالتحدث عن القرآن ، لإثبات نزوله من عند الله وإعجازه. وتنزيل القرآن الكامل في كل شيء حاصل من الله عزوجل ، القوي الغالب لكل من حادّه أو عارضة ، المحكم المتقن ، الحكيم في تدبيره وصنعه ، وأقواله وأفعاله ، يضع كل أمر في موضعه المناسب له.
ما أوجدنا أو أبدعنا السماوات العليا ، والأراضي السفلى ، إلا بما يتفق مع الواجب الحسن ، الذي حق أن يكون ، وإلى مدة معينة لا تزيد ولا تنقص ، وهي يوم القيامة. والذين جحدوا وحدانية الله : معرضون عن الإنذار ، وإنزال الكتب ، وإرسال الرسل ، فهم لاهون عما يراد بهم.
ثم ردّ الله تعالى على عبدة الأوثان ، آمرا نبيه أن يقول للمشركين الوثنيين : أخبروني عما تدعون من غير الله كالأصنام وأهل القبور ، بعد التأمل في الكون ، وخلق السماوات والأرض وما بينهما ، هل تمكّنوا من إبداع أو خلق شيء في الأرض؟ وهل لهم مشاركة في ملك السماوات والتصرف فيها؟ الواقع أنهم عجزة عجزا تاما عن خلق شيء ، أحضروا لي دليلا مكتوبا قبل القرآن ، مما نزل على الأنبياء كالتوراة والإنجيل ، يدل على صحة عبادة الأصنام؟ أو هل لكم بقية من علم الأنبياء السابقين ، أو أحد العلماء؟ يرشد إلى صحة هذا المنهج الذي سرتم عليه ، ويقتضي عبادة الأصنام ، إن كنتم صادقين في ادعائكم ألوهية الأصنام أو الأوثان؟ والمعنى : لا دليل لكم من النقل أو العقل على ذلك ، وليس لكم كتاب منزل قبل القرآن ، يتضمن عبادة صنم أو وثن.
وقوله تعالى (مِنَ الْأَرْضِ) من : للتبعيض ، لأن كل ما على وجه الأرض من حيوان ونحوه فهو من الأرض.