الدنيا ، ونرفع درجة بعضهم على بعض في القوة والضعف ، والعلم والجهل ، والغنى والفقر ، ليتمكنوا من تسيير شؤون الحياة ، فيسخّر بعضهم بعضا في العمل وقضاء الحوائج ، بالاستخدام أو الاستئجار ، وثانيها : ما أعده الله لعباده الصالحين في الآخرة هو خير مما يجمعونه من الأموال وسائر متاع الدنيا ، قال قتادة والسدّي : يعني الجنة ، أي في الآخرة ، والرحمة في الدنيا : بالهداية والإيمان خير من كل مال. وهذا اللفظ تحقير للدنيا.
نزلت هذه الآية : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ) ... (أَهُمْ يَقْسِمُونَ) كما روى ابن المنذر عن قتادة في الوليد بن المغيرة ـ وكان يسمى ريحانة قريش ـ لو كان ما يقوله محمد حقا ، لنزل علي أو على أبي مسعود (عروة بن مسعود الثقفي) فقال الله تعالى : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) يعني النبوة ، فيضعونها حيث شاؤوا؟
وثالث الأوجه : خشية أن يكون الناس كلهم على ملة الكفر ، تأثرا بالدنيا ، لأعطينا الكفار ثروات طائلة ، وجعلنا سقوف بيوتهم ومصاعدهم وأبوابهم وأسرّتهم التي يتكئون عليها من فضة خالصة ، ومن الذهب والزينة المزخرفة ، ولكن ليس كل ذلك إلا شيئا يتمتع به تمتعا قليلا في الدنيا ، لأنها زائلة قصيرة الأجل ، والآخرة بألوان نعيمها مخصصة لأهل التقوى : الذين يتقون الشرك والمعاصي ، ويؤمنون بالله وحده ، ويعملون بطاعته ، فإنها الباقية التي لا تفنى ، وذات النعيم الدائم الذي لا يزول. فقوله تعالى : (أُمَّةً واحِدَةً) معناه في الكفر.
الإعراض عن شرع الله تعالى
إن من آفات الاغترار بالدنيا وحب المال : الإعراض عن شرع الله تعالى وعما ذكّر به الرحمن عباده ، وهذا يستوجب العقاب على الكفر ، ويجعل المعرضين عن ذكر