تستقروا على ظهورها ، ثم تتذكروا نعمة الله التي أنعم بها عليكم ، وتقولون بعد الركوب عليها : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) أي تنزه الله تعالى عن كل نقص وعجز ، الذي ذلّل لنا هذا المركب ، وما كنا مطيقين لتسخيره ، لو لا أن سخره الله لنا ، وإنا لصائرون راجعون إليه بعد مماتنا ، فيجازي كل نفس بما عملت من خير أو شر. وهذه الآية خاصة في ركوب الحيوان ويقال عند النزول منها : اللهم أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين. ويقال عند ركوب الفلك بما جاء في آية أخرى : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [هود : ١١ / ٤١]. والسنة للراكب إذا ركب أن يقول : الحمد لله على نعمة الإسلام ، أو على النعمة بمحمد عليه الصلاة والسّلام ، أو على النعمة في كل حال.
وفي دعاء الركوب هذا : إقرار واضح بعجز الإنسان ، وأمر بالإقرار بالبعث ، وترداد القول به.
روى ابن أبي نجيح والنحاس عن مجاهد عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أن الإنسان إذا ركب ، ولم يقل ما في هذه الآية (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) جاء الشيطان فقال له : تغنّه ، فإن كان يحسن تغنّى ، وإلا قال له : تمنّه ، فيتمنى الأباطيل ، ويقطع زمنه بذلك.
من أباطيل الجاهلية وتناقضات المشركين
على الرغم من اعتراف المشركين بأن الله هو خالق السماوات والأرض ، صدرت منهم عدة أباطيل ومتناقضات مع ذلك الاعتراف ، منها نسبة الملائكة لله وأنها بنات الله ، والزعم بأن عبادة الملائكة بمشيئة الله ، وأن الملائكة إناث لا ذكور ، وإذا نوقشوا في هذا لم يجدوا جوابا إلا أنهم يقلدون الآباء تقليدا أعمى ، مثلما يقول المترفون في غابر الزمان ، حتى ولو عارض ذلك العقل أو المنطق ، أو رأوا أفضل