ـ وتبصرهم أيضا يعرضون على النار ، وهم خائفون أذلاء ، يسارقون النظر إليها من شدة الخوف ، فقوله تعالى : (مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) أي قليل ، والطرف هنا مصدر ، أي يطرف طرفا خفيا.
ـ وقال أهل الإيمان يوم القيامة حين رأوا الكافرين على هذه الحال : إن أهل الخسارة الكبرى : هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم ، بدخول النار ، والخلود فيها ، خسروا أنفسهم بصيرورتهم معذبين في النار ، وخسروا أهليهم لأنهم تسببوا في تعذيبهم.
ـ ألا إن الكافرين في عذاب دائم لا ينتهي ، ولا يخرجون منه. وهذا إما من قول المؤمنين ، حكاه الله تعالى ، أو استئناف من قول الله تعالى ، وإخبار لمحمد صلىاللهعليهوسلم بما يؤول إليه مصير الضالين المكذبين.
ـ وليس للظالمين أعوان وأنصار من غير الله ، ينقذونهم مما هم فيه من العذاب.
ثم أكد الله تعالى اليأس من نجاتهم بقوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) والمعنى : ليس للكافرين أعوان وأنصار من غير الله ، ينقذونهم مما هم فيه من العذاب ، وهذا إنحاء على الأصنام والأوثان التي أظهر الكفار ولايتها ، واعتقدوا ذلك دينا ، والمراد : فما لهم يوالون هذه التي لا تضر ولا تنفع ، ولكن من يضلل الله فماله من سبيل هدى ونجاة ، أي من يحجب الله عنه توفيقه إلى الإيمان ، بسبب علم الله السابق بما سيختاره ويقترفه من الآثام ، فلا طريق له إلى النجاة والجنة. ولا غرابة في وقوع تلك الظواهر ، لأنهم قوم ضالون منحرفون عن سبيل الإيمان والحق.
هذا وصف دقيق لسوء أحوال الظالمين الكافرين الذين اختاروا الشرك والوثنية : قلق وحيرة ، وحسرة وندامة ، والتماس طريق النجاة باقتراح العودة إلى الدنيا ، ويتملكهم الخوف والذعر الشديد ، ويلحقهم الذل والهوان والتحقير ، ويبحثون عن