وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦)) [الشورى : ٤٢ / ٢٧ ـ ٣٦].
نزلت آية (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ) فيما أخرجه الحاكم وصححه عن علي : في أصحاب الصّفّة ، وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا ، فتمنوا الدنيا والغنى ، وقال خبّاب ابن الأرتّ : فينا نزلت هذه الآية ـ أي في أهل الصفة ـ وذلك أنا نظرنا إلى أموال بني قريظة والنضير وبني قينقاع ، فتمنيناها.
المعنى : لو وسّع الله الرزق على عباده ، ومنحهم فوق حاجتهم ، لحملهم ذلك على البغي والطغيان ، وعصوا في الأرض ، كما حدث من قارون وفرعون ، ولكنه تعالى ينزّل الرزق لعباده بتقدير معين ، على حسب مشيئته ، وبمقتضى حكمته ، إنه سبحانه خبير بأحوال عباده ، بصير بما يصلحهم من توسيع الرزق وتضييقه.
هذا إعلام من الله تعالى : أنه لو جاء الرزق على اختيار البشر واقتراحهم ، لكان سبب بغيهم وفسادهم ، ولكنه عزوجل أعلم بالمصلحة في لكل إنسان ، وله بعبيده خبرة وبصر بأخلاقهم ومصالحهم ، فرب إنسان لا يصلح إلا بالفقر ، وآخر بالغنى.
والغيث سبب الرزق ، فينزل الله المطر بعد يأس الناس في وقت حاجتهم إليه ، وينشر رحمته ، أي المطر على الأراضي ، وهو المتولي أمور أو شؤون عباده بالإحسان إليهم ، وجلب النفع لهم ، ودفع الشر عنهم ، وهو المحمود على نعمه الكثيرة.