ثم ذكر الله تعالى ثلاث خصال أخرى للكافر أقبح مما قبلها : وهي أنه لئن آتاه الله الخير بتفريج كربه بعد شدة أصابته ، كغنى بعد فقر ، وصحة بعد مرض ، وجاه بعد ذل ، ليقولن : هذا شيء أستحقه على الله ، لرضاه بعملي وجهدي ، متناسيا فضل الله. والصفة الثانية : هي أنني لا أعتقد أن القيامة ستقوم ، كما أخبر الرسل ، فلا رجعة ولا حساب.
والصفة الثالثة : هي أنني إن أعدت إلى ربي ـ على سبيل الافتراض ـ فليحسنن إليّ ربي كما أحسن لي في هذه الدنيا ، والحسنى : الكرامة والجنة ، فأجيب بمفاجأة نقيض ظنه : لنخبرن هؤلاء الكفار يوم القيامة بما عملوا من المعاصي ، ولنجازينهم بعذاب شديد صعب. والعيش بالأمل أو الأماني مذموم لكل أحد تارك الطاعة ، جاء في الحديث (١) : «الكيّس : من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز : من أتبع نفسه هواها ، وتمنّى على الله الأماني».
ثم ذكر الله تعالى خلقا ذميما للإنسان جملة ، وهو واضح في الكفار ؛ وهي أن الله تعالى إذا أنعم على الإنسان ، أعرض عن الشكر والطاعة ، واستكبر عن الانقياد لأوامر الله تعالى ، وإذا تبدل الحال ، وأصيب بشر ، من بلاء وجهد ، أو فقر أو مرض ، أطال الدعاء والتضرع إلى الله تعالى ، وهذا خلق ذميم يدل على العمل الانتهازي أو المصلحي المحض. وأما المؤمن في الغالب فإنه يشكر عند النعمة ، ويصبر عند الشدة.
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن شداد بن أوس رضي الله عنه.