القلوب في ضلال واضح عن الحق ، ولا يفهم الكلام إلا بمحذوف يدل عليه الظاهر ، تقديره كالقاسي القلب والمعرض عن ذكر الله.
ذكر الواحدي في أسباب النزول : أن هذه الآية نزلت في علي وحمزة رضي الله عنهما ، وأبي لهب وابنه ، وهما اللذان كانا من القاسية قلوبهم.
و (شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ) استعارة لتحصيله للنظر الجيد والإيمان بالله تعالى. و «النور» : هداية الله ، وهي أشبه شيء بالضوء. قال ابن مسعود رضي الله عنه فيما أخرجه ابن مردويه : قلنا : يا رسول الله ، كيف انشراح الصدر؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح الصدر ، قلنا : وما علامة ذلك؟ قال : «الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهب للموت». والقسوة : شدة القلب.
ثم وصف الله القرآن الذي يشرح الصدر بأن الله نزل أحسن الأحاديث وهو القرآن ، لما فيه من الخيرات والبركات والمنافع العامة والخاصة ، وهو كتاب يشبه بعضه بعضا ، في جمال النظم وحسن الإحكام والإعجاز ، وقوّة المباني والمعاني ، وبلوغ أرقى درجات البلاغة ، وتثنى فيه القصص ، وتتكرر فيه المواعظ والأحكام من أوامر ونواه ، ووعد ووعيد ، ويثنى في التلاوة ، وتقشعر من عظمة آياته وأمثاله ومواعظه جلود الخائفين من الله ، ثم تسكن وتطمئن الجلود والقلوب عند سماع آيات الرحمة ، ذلك القرآن الذي هذه صفته هو هداية الله ، يهدي به من يشاء هدايته وتوفيقه للإيمان ، ومن يخذله الله عن الإيمان بالقرآن من الفسّاق والعصاة والفجار ، فلا مرشد له. عن ابن عباس : أن قوما من الصحابة قالوا : يا رسول الله ، حدثنا بأحاديث حسان وبأخبار الدهر ، فنزل : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ).
وسبب التمييز بين المهتدي والضال يظهر في هذه المقارنة ، وهي : أفمن يتقحّم نار جهنم ، فلا يتمكن من اتقاء العذاب الشديد يوم القيامة ، كمن هو آمن لا يتعرض