وقوله : (ذِكْرَى) مصدر ، و (الدَّارِ) منصوبة ب (ذكرى) على معنى : أخلصناهم بأن خلص لهم التذكير بالدار الآخرة ، ودعوا الناس إليها ، وحضوهم عليها.
وإنهم عند الله لمن المختارين من أبناء جنسهم ، الخيّرين ، المطبوعين على حب الخير وفعله ، فلا يميلون للأذى ، وليس في قلوبهم شيء من الضغينة والحقد والحسد والبغض لأحد ، ولا يقترفون منكرا ، ولا يرتكبون معصية ، فهم أخيار مختارون من الله تعالى.
واذكر أيضا أيها النبي الرسول محمد صبر إسماعيل واليسع وذي الكفل وأعمالهم الصالحة ، فكل منهم أيضا من الأخيار المختارين للنبوة وأداء الرسالة الإلهية. ثم أخبر الله تعالى عن الهدف من إيراد هذه الأخبار النبوية ، فهذه الآيات القرآنية التي تعدّد محاسن هؤلاء الأنبياء تذكّر لهم وتنويه ، وذكر جميل في الدنيا ، وشرف يذكرون به أبدا ، وإن لهم وللمتقين أمثالهم لحسن مرجع ، يرجعون فيه في الآخرة إلى مغفرة الله ورضوانه ونعيم جنته. ويحتمل أن يكون قوله تعالى : (هذا ذِكْرٌ) إشارة إلى القرآن ، أي هو ذكر للعالم.
ثم فسّر الله تعالى المقصود بالمرجع وحسن المآب : وهو أن لهم جنات إقامة دائمة ، مفتّحة لهم الأبواب ، فإذا قدموا فتحت لهم أبواب الجنة ، إكراما لهم ، تفتحها الملائكة ليدخلوها مكرمين. وفي هذا إيماء بتخصيصاتهم وبسعتها وبهائها.
تراهم متكئين في الجنات على الأرائك والأسرّة ، يطلبون ما لذّ وطاب مما شاؤوا من أنواع الفاكهة الكثيرة ، وأنواع الشراب الكثير العذب الطيب وغير ذلك ، فمهما طلبوا وجدوا ، وأحضر كما أرادوا.
ولهم زوجات قاصرات حابسات طرفهن على أزواجهن ، لا ينظرن إلى غيرهن ،