ففزع منهم ، فقالا له : لا تخف ، نحن متخاصمان جار بعضنا على بعض ، فاحكم بيننا حكما عادلا ، ولا تتجاوز الحق في الحكم ولا تبعد في الحكم ، واهدنا أو أرشدنا إلى طريق الحق والعدل. وسواء الصراط : وسطه والواضح منه.
واستفتحت الآيات بالاستفهام : (وَهَلْ أَتاكَ ..) تعجبا من القصة وتفخيما لها. وعبر عن الاثنين بالجمع : (تَسَوَّرُوا) و (دَخَلُوا) و (قالُوا) على جهة التجوز في العبارة عن الاثنين ، بلفظ الجمع. والمحراب : الموضع الأرفع من القصر أو المسجد ، وهو موضع التعبد. وفزعه بسبب دخولهم من غير الباب ودون استئذان.
وموضوع الخصومة : إن هذا أخ لي في الدين والإنسانية ، يملك تسعا وتسعين شاة ، وأملك أنا شاة واحدة ، فقال : ملّكنيها ، وغلبني في المخاصمة والجدال ، والحجة. والنعجة : أنثى الضأن. فقال داود عليهالسلام بعد إقرار المدعى عليه بالدعوى : لقد ظلمك بهذا الطلب ، وطمع عليك. وإن كثيرا من الشركاء في المال ليعتدي ويستطيل بعضهم على بعض ، إلا من آمن بالله وخاف ربه ، وعمل صالح الأعمال ، وهؤلاء المؤمنون الصالحون قلة ، وشعر داود وعلم أنما اختبرناه وامتحناه ، بهذه الواقعة ، فاستغفر ربه لذنبه وهو سوء ظنه بالخصمين ، وأنهما أتيا لاغتياله ، لوقوع اغتيالات في أنبياء بني إسرائيل ، وخرّ ساجدا ، وعبّر بالركوع عن السجود ، لأن القصد منهما التعظيم ، ورجع إلى الله بالتوبة من ذنبه.
والعرب تعبر بالظن عن المعلومات الناجمة من غير الحواس ، ولا يستعمل الظن بمعنى اليقين التام البتّة ، كما ذكر ابن عطية في تفسيره.
فغفر الله له سوء ظنه ، لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين ، وإن له عند ربه لقربى ومكانة رفيعة وحسن مرجع في الآخرة وهو الجنة.
يا داود إنا جعلناك حاكما بين الناس في الأرض ، فاقض بين الناس بالعدل ، ولا