رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)) [الصافات : ٣٧ / ١٧١ ـ ١٨٢].
آنس الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأولياءه بأن القضاء قد سبق ، وأن الوعد بالنصر والظفر لرسل الله الكرام على من جحد برسالتهم قد فرغ منه ، سواء في الدنيا أو في الآخرة ، ففي الدنيا تكون الغلبة والقهر للرسل العباد : بأسر أعدائهم وتقتيلهم وتشريدهم ، أو بإجلائهم ، أو بتغلب الحجة والبرهان عليهم ونحو ذلك. وفي الآخرة بالظفر بالجنة والنجاة من النار. وهذا الحكم مقرّر في الغالب ، وإن كان النادر هو العكس. وجند الله : حزبه والمجاهدون في سبيله لإعلاء كلمة الله ، وهم الرسل وأتباعهم. والنصر مشروط بنصرة دين الله وشرعه ، واتباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، والعمل بالقرآن والسنة النبوية ، لقول الله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : ٣٠ / ٤٧].
وسبق الكلمة : هو في الأزل بأن رسل الله إلى أرضه وجنود الله هم المنصورون على من ناوأهم ، المظفّرون بإرادتهم ، المستوجبون الفلاح في الدارين.
فأعرض عنهم أيها النبي ، واصبر على أذاهم لك ، إلى مدة معلومة عند الله تعالى ، فإنا سنجعل لك النصر في النهاية. وهذا وعد للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأمر له بموادعة أو مهادنة المشركين إلى أمد معلوم. والحين أو الأمد : إما يوم بدر ، ورجحه الطبري ، أو موتهم ، أو يوم القيامة.
ووعد آخر للنبي صلىاللهعليهوسلم ووعيد لهم ، مفاده : أمهل هؤلاء المشركين ، وانظر ماذا يحل بهم من العذاب بمخالفتك وتكذيبك ، كالأسر والقتل. وسوف يبصرون كل ما وعدتهم به من العقاب ويرون عقبى طريقتهم ، وما وعدناك به من النصر وانتشار الإسلام ، وكرّر الله تعالى هذا للتأكيد.