وجل : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [الأنبياء : ٢١ / ٣٣]. والفلك : اسم لشيء مستدير. وهي على أي حال مخلوقة بقدرة الله تعالى ، لا بالمصادفة ولا بالطبيعة ، وهي فضاء ، والفضاء لا نهاية له ، ولا تزول إلا بقدرة الله تعالى.
وجعل الله في الأرض جبالا شوامخ ثوابت ، بثّت في الأرض وأرستها وثقّلتها ، لئلا تضطرب بأهلها ، وتغمرها مياه البحار والمحيطات المحيطة بها ، ومن المعلوم أن المياه أربعة أخماس الأرض ، واليابسة هي الخمس.
ونشر الله في الأرض كل نوع من أنواع الحيوان التي لا يحصى عددها ، ولا يعلم أشكالها وأنواعها إلا خالقها ، والمخلوقات البحرية كما قرر العلماء أكثر من المخلوقات البرية. وأنزل الله من السماء أو السحاب مطرا يكون سببا لإنبات كل صنف كريم ، أي حسن المنظر ، كثير المنفعة ، وافر العطاء والخير متقن الصنعة والتحكم.
أمام هذه المخلوقات العجيبة ، والأصناف البديعة ، والخيرات الإلهية العميمة ، كيف يليق بالإنسان جحود خالقها ، وترك عبادته ، لذا وبخ الله تعالى المشركين الذين يشركون مع الله إلها آخر ، ونبههم بقوله : هذا المذكور من المخلوقات : هو من خلق الله وفعله وتقديره وحده لا شريك له في ذلك. والخلق : بمعنى المخلوق. فأخبروني أيها المشركون : ماذا خلق الذين تعبدونهم من غيره من الأصنام والأنداد والجمادات التي لا نفع فيها ولا ضر؟!
وبعد توجيه هذا التوبيخ وإظهار الحجة : وصف الله أولئك المشركين بالضلال ، فهم الظالمون الضالون في إشراكهم مع الله غيره ، حيث قال الله تعالى : (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي بل إن هؤلاء المشركين الذين عبدوا مع الله إلها آخر ، في جهل وعمى ، وانحراف وكفر واضح ظاهر ، لا خفاء فيه ولا شبهة لكل من تأمله. إنه