(١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)) (١) (٢) (٣) [العلق : ٩٦ / ١ ـ ١٩].
اقرأ مبتدئا باسم ربك ، أو مستعينا باسم ربك ، الذي خلق كل شيء ، خلق كل إنسان في مجال التناسل والتكاثر من قطعة دم جامد ، وهي العلقة ، التي هي أحد أطوار خلق الإنسان ، حيث يبدأ من نطفة ، ثم يتحول إلى علقة ، ثم يكون مضغة : قطعة لحم.
وإنما قال : باسم ربك ، ولم يقل : باسم الله ، لما في لفظ الرب من معنى التربية وتعهد المصلحة ، وذلك مناسب للأمر بالعبادة ، وأضاف الله ذاته إلى رسوله ، بقوله : (بِاسْمِ رَبِّكَ) للدلالة على أن فائدة العبادة تصل للرسول ، وليس لله تعالى.
افعل ما أمرت به من القراءة ، وربك الذي أمرك بالقراءة : هو الأكرم من كل كريم ، ومن كرمه : تمكينك من القراءة وأنت أمي. وكرر الله تعالى كلمة (اقْرَأْ) للتأكيد ، ولأن القراءة لا تتحقق إلا بالتكرار والإعادة. وقوله : (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) لإزالة المانع والعذر الذي اعتذر به النبي صلىاللهعليهوسلم لجبريل عليهالسلام ، حين طلب منه القراءة ، بقوله (اقْرَأْ) فقال : ما أنا بقارئ ، أي لست متعلما القراءة.
ثم قرن الله الأمر بالكتابة مع الأمر بالقراءة بقوله تعالى : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤) أي علّم الإنسان الكتابة بالقلم ، فهو نعمة عظيمة من الله تعالى ، وواسطة للتفاهم بين الناس ، كالتعبير باللسان ، ولولا الكتابة لزالت العلوم ، ولم يبق أثر للدين وأحكام الشرائع الإلهية وغيرها ، ولم يصلح عيش ، ولم يستقر نظام ، ولا تمكنت الشعوب والأمم من الاستفادة من علوم ومعارف وثقافات الشعوب الأخرى ، ولا عرف تاريخ الماضين ، ولا تحدد مستقبل البشرية والثقافة في مختلف البلاد.
__________________
(١) أهل النادي.
(٢) الملائكة الموكلين بالإشراف على المعذبين في النار.
(٣) تقرب إلى ربك بالطاعة.