الحاكم ، وعبد الرزاق ، وابن جرير ، والبيهقي ، عن الحسن ، قال : خرج النبي صلىاللهعليهوسلم يوما فرحا مسرورا ، وهو يضحك ويقول : «لن يغلب عسر يسرين ، إن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا». أي مع ما تراه من الأذى فرج يأتيك.
وهذه بشارة للرسول صلىاللهعليهوسلم بأن الله سيبدل حاله من فقر إلى غنى ، ومن ضعف إلى عزة وقوة ، ومن عداوة قومه إلى محبتهم.
ثم أمر الله تعالى نبيه بمتابعة العبادة والعمل والطاعة ، فإذا فرغ من شغل من أشغال النبوة والعبادة ، فعليه أن ينصب (يتعب) في آخر ، والنصب : التعب ، فالمعنى : أن يدأب على ما أمر به ولا يفتر.
إذا فرغت أيها النبي من تبليغ الدعوة ، أو من الجهاد ، أو من عبادة ، أو من أحد مشاغل الدنيا وعلاقاتها ، فأتعب نفسك في العبادة ، واجتهد في الدعاء ، واطلب من الله حاجتك ، وأخلص لربك النية والرغبة ، وهذا دليل على طلب الاستمرار في العمل الصالح والخير والمثابرة على الطاعة ، لأن استغلال الوقت مطلوب شرعا ، والانتفاع بالزمن ضروري دائما.
وإذا فرغت من أعمالك الدينية والدنيوية ، فأقبل على الله تعالى ، واجعل رغبتك إلى الله وحده ، وتضرع إليه راهبا من النار ، راغبا في الجنة ، ولا تطلب ثواب عملك إلا من الله تعالى ، فإنه الجدير بالتوجيه والتضرع إليه ، والتوكل عليه ، فهذا أمر بالتوكل على الله عزوجل ، وصرف وجه الرغبات إليه لا إلى سواه.
إن هذه الأوامر بمتابعة العبادة والتضرع إلى الله ، والتوكل على الله وحده ، تصوغ فكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتصبغ قلبه بالعبادة الخالصة لله سبحانه ، وتجعله إنسان الدعوة الدائمة إلى الله ، بلسانه وقلبه وفكره وسلوكه وعمله ، فيتهيأ أن يكون الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة للأجيال ، على سبيل الوفاء والكمال.