فإن الله هو الإله الواحد الذي لا شريك له ، ولا معبود سواه ، وهو ربّ العرش العظيم الذي ليس في المخلوقات أعظم منه ، فالعرش أعظم المخلوقات ، وما عداه فهو في ضمنه وفي قبضته.
فأجاب سليمان عليهالسلام طير الهدهد عن دفاعه واعتذاره ، بأننا سنتعرّف على مدى صحة قولك ، أصادق في إخبارك هذا أم أنت كاذب في مقالتك ، لتتخلّص من الإنذار والوعيد الذي أوعدتك به؟!
اذهب أيها الهدهد بكتابي هذا إلى بلقيس وقومها ، الذي يتضمن الدعوة إلى الإيمان بالله وحده ، وألق هذا الكتاب إليهم ، ثم ابتعد عنهم قريبا ، وانظر ردّ الفعل ، وماذا يقولون ويتشاورون ويتناقشون. فعمد الهدهد إلى كوّة كانت بلقيس صنعتها لتدخل منها الشمس عند طلوعها ، إشارة لمعنى عبادتها إياها ، فدخل منها ، ورمى الكتاب على بلقيس ، وهي فيما يروى نائمة ، ثم انتظر الجواب. وقامت بلقيس بجمع أهل مملكتها وأعيانهم ، واستشارتهم في الأمر.
قصة الملكة بلقيس
في تأريخ القرآن الكريم ألوان من القصص المثيرة المحرّكة لمشاعر الإيمان ، والتي تعدّ من حوافز العقيدة ، لصلتها المباشرة بالفيض الإلهي ، والإرادة الرّبانية ، وأحداث قصة الملكة بلقيس مثل يحتذي من الدبلوماسية الرشيدة ، وإعمال الفكر والأناة ، والظفر بتحقيق النتائج السلمية ، وصون البشرية من إراقة الدماء ، وحفظ الأنفس ، لأن البعد عن الأهواء والشهوات وعن الغطرسة يؤدي إلى اتّخاذ موقف الحكمة والسّداد ، قال الله تعالى واصفا قصة بلقيس مع سليمان عليهالسلام :
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ