نفسه ، بمعنى بورك من قدرته وسلطانه في النار ، والمراد بمن حول النار موسى والملائكة المطيفون به. والأولى أن يراد بمن في النار : من في مكان النار ، ومن حول مكانها ، أي تبارك من في النور.
(وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي تنزه الله الذي يفعل ما يشاء ، ولا يشبهه شيء من مخلوقاته ، ولا يحيط به شيء من مصنوعاته ، وهو العلي العظيم ، المباين لجميع المخلوقات ، وربّ العوالم كلها من إنس وجنّ.
يا موسى إن الذي يخاطبك ويناجيك : هو الله الذي عزّ كل شيء وقهره عليه ، الحكيم في أقواله وأفعاله.
والله يؤيّدك يا موسى بالمعجزات ، وأولها إلقاء عصاك ، فلما ألقاها انقلبت في الحال حيّة عظيمة هائلة ، في غاية الكبر وسرعة الحركة معا ، فلما رآها تتحرّك هكذا ، كأنها جنّي ، ولّى هاربا منها ، خوفا على نفسه ، ولم يرجع على عقبيه ، ولم يلتفت وراءه من شدة خوفه.
فقال الله له : يا موسى لا تخف مما ترى ، فإني أريد أن اصطفيك رسولا ، وأجعلك نبيّا وجيها ، ولا يخاف عندي الرّسل والأنبياء إذا أمرتهم بإظهار المعجزة.
لكن من ظلم نفسه أو غيره ، ثم تاب إلى الله من سوء ذنبه ، فإن الله يقبل توبته ، لأنه بدّل بتوبته عملا حسنا بعد سوء.
والمعجزة الثانية لموسى : بياض اليد وإشعاعها ، فأدخل يدك في جيب قميصك ، تخرج بيضاء ساطعة ، كأنها قطعة قمر ، لها لمعان تتلألأ كالبرق الخاطف ، من غير آفة مرضية ونحوها.
وهاتان المعجزتان من جملة تسع آيات أخرى أؤيدك بها إلى فرعون وقومه ، لأنهم كانوا قوما عصاة خارجين عن الحق ، بتأليه فرعون.