فاجتمع إليه الناس
من أهل مكة ، فقال : «يا بني فلان ، يا بني فلان» ، حتى أتى على بطون قريش جميعا
ثم قال لهم : «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد الغارة عليكم ، أكنتم
مصدّقي؟» قالوا : نعم ، فإنّا لم نجرّب عليك كذبا ، فقال لهم : «فإني نذير لكم بين
يدي عذاب شديد» فقال له أبو لهب لعنه الله : ألهذا جمعتنا؟ تبّا لك سائر اليوم ،
فنزلت : (تَبَّتْ يَدا أَبِي
لَهَبٍ وَتَبَّ (١)) السورة.
الثالث ـ يأمرك
الله أيها النّبي بخفض الجناح ، أي لين الكلمة وبسط الوجه والبرّ ، والرّفق بمن
آمن بدعوتك ، فذلك أطيب لقلوبهم. فإن عصاك أحد ممن أنذرتهم من عشيرتك وغيرهم ، فقل
: إني بريء من أعمالكم التي ستجازون عليها يوم القيامة.
الرابع ـ فوّض
أمورك كلها أيها النّبي إلى الله القوي القاهر الغالب القادر على الانتقام من
أعدائه ، الرّحيم بأوليائه ونصرائه ، الذي يراك حين تقوم للصلاة بالناس ، ويرى
أحوالك في العبادة متقلّبا من قائم إلى قاعد ، وراكع إلى ساجد ، فيما بين الساجدين
أي المصلّين ، وعبّر عن الصلاة بالسجود ، لأن العبد أقرب ما يكون من ربّه ، وهو
ساجد. فقوله تعالى : (فِي السَّاجِدِينَ) أي في أهل الصلاة ، أي صلاتك مع المصلّين. وقيل : أراد
تقلّبك في المؤمنين ، أو أنه أراد تقلّبك كتقلّب غيرك من الأنبياء.
إن الله ربّك هو
السميع لأقوال عباده ، العليم بأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم ونواياهم. وختم الله
الآية بهذا : لإرشاد الناس وإخبارهم بأن الله سميع لكل ما يصدر عنهم ، عليم بكل
أفعالهم وأقوالهم.
تنزل الشياطين على الأفّاكين
إن افتراءات
المشركين ومزاعمهم بأن النّبي صلىاللهعليهوسلم كاهن أو شاعر : واضحة لا تحتاج إلى إبطال أو دحض ، ومع ذلك
جاء القرآن الكريم مبيّنا أسطورة تنزل الشياطين على