لما أراد الله تعالى إنجاء بني إسرائيل وإغراق فرعون ، أمر موسى عليهالسلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلا باتّجاه البحر ، وأخبره أنهم سيتبعون من أعدائهم فرعون وقومه ، فخرج موسى وقومه.
فلما علم فرعون في الصباح بخروج بني إسرائيل ، اغتاظ وغضب ، فأرسل في مدائن مصر من يحشر الجند (يجمعهم) مستخدما أسلوب التعبئة المعنوية والمادية لتحريض قومه على الخروج معه ، واصفا الإسرائيليين بأنهم جمع قليل محتقر ، وإنهم مصدر نكد وإغاظة لنا بأخذهم المال وهروبهم ليلا ، فإنهم قد ذهبوا بأموالنا باستعارة حلي القبط وأموالهم ، وإننا قوم نحذر المخاطر ، ونستعدّ لإبادتهم بالسلاح.
وألهم الله قوم فرعون بضرورة الخروج ، وأخرجهم مما كانوا يتمتعون به من بساتين خضراء ، ورياض غنّاء ، وأنهار وعيون جارية الماء ، وكنوز ذهبية مخزونة ، ومنازل عالية. وكان هذا الأمر حقّا ، وكان إخراج الله لهؤلاء كما وصف سبحانه ، وورّث بني إسرائيل ثرواتهم ، فتابع قوم فرعون الإسرائيليين ، ولحقوا بهم مشرقين عند شروق الشمس على خليج السويس من البحر الأحمر.
فلما رأى كل من الجمعين صاحبه ، قال الإسرائيليون : إن القوم لحقوا بنا ، وسيقتلوننا ، ولن يبقى منا أحد. فهدّأ موسى عليهالسلام نفوسهم قائلا : كلا ، لن يحدث ما تتوقعون من الهلاك ، ولن يدركونا ، وإن معي ربّي بالحفظ والنصر ، سيهديني إلى طريق النّجاة والخلاص منهم. وهذا موقف إيماني بارز يدعو للإيمان التام بوجود الله وقدرته على كل شيء.
وأوحى الله بأمره إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه بها ، فانفلق بقدرة الله تعالى واختراعه ، اثني عشر طريقا ، وصارت كل قطعة من الماء المحجوز المتجمد عن الحركة كالجبل الشامخ ، وجفّف الله الطرق والممرات البحرية بالشمس والهواء ،