إن مواقف التصدي والتحدي والمعارضة لدعوة النبي صلىاللهعليهوسلم كثيرة ، منها : إذا رآك أيها النبي المشركون الكافرون بالله ورسوله ، ما يتخذونك إلا موضع هزء وسخرية. ويقولون على سبيل الازدراء : أهذا هو المبعوث من عند الله رسولا إلينا؟! قبحهم الله ، فلم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا المثل الأعلى للأنبياء ، والصفوة المختارة من البشر ، وأول عظماء التاريخ في أحواله وأخلاقه الخاصة ، وفي معاملاته الاجتماعية ، وفي تضحيته بأغلى ما لديه لإعلاء كلمة الله ، وفي رحمته بقومه وبالبشرية قاطبة ، وفي قيادته الناجحة نجاحا باهرا ، فهو حريص على هداية قومه وإسعادهم.
ومن مواقفهم المهينة : أنهم قالوا : قارب محمد أن يثنينا عن عبادة الأصنام ، وترك ديننا إلى دين الإسلام ، لولا أن صبرنا على تلك العبادة الموروثة ، فردّ الله تعالى عليهم من نواح ثلاث :
الأولى : وعيد وتهديد شديد لهم ، إنهم حين يشاهدون العذاب المنتظر الذي لا مفر لهم منه ، يدركون من أخطأ الطريق ، أهم أم المؤمنون مع نبيهم وقائدهم؟! الثانية : تنبيه على عدم الجدوى من دعوتهم إلى الدين الحق ، فإنهم اتخذوا أهواءهم آلهة ، فأطاعوهم ، واستولى عليهم التقليد ، أفأنت أيها النبي تكون عليهم وكيلا يتولى أمورهم ، ويحفظ شؤونهم ، وهم غارقون في الضلال؟! فإن من جعل إلهه هواه برأيه المحض ، لن ينفع معه نصح ولا إرشاد ، كما لا ينفع شيئا من جعل هواه مطاعا فصار كالإله ، والهوى قائد إلى كل فساد ، والنفس أمّارة بالسوء ، وإنما الصلاح إذا ائتمرت النفوس العقل ، وأصغت إلى الهدى بوعي ، والوكيل : القائم على الأمر الناهض به.
الثالثة : بل (وهي للإضراب عما سبقه من الكلام من اللفظ دون المعنى) أي أتظن أن أكثرهم يسمعون سماع تدبر وفهم ، أو يتعقلون ويفكرون فيما تتلو عليهم ، وترشدهم إليه من الفضائل والأخلاق الحميدة ، فتجهد نفسك في إقناعهم بصدق