هذه الآية خطاب للأولياء المأمورين بتزويج من لا زوج له ومن لا زوجة له ، والمعنى : زوّجوا أيها الأولياء الأيامى : وهم كل رجل أو امرأة لا زوج لهما ، وزوّجوا الصالحين من الأولاد والإماء للزواج ، وهذا الأمر للندب والاستحسان. والصلحاء : هم القائمون بأوامر الدين ، المبتعدون عن النواهي والمحظورات ، وظاهر الآية : أن المرأة لا تتزوج إلا بولي ، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
ولا يتعلل الأولياء بفقدان المال ، فالله تبارك وتعالى وعد بإغناء الفقراء المتزوجين ، طلبا لرضا الله عنهم ، واعتصاما من معاصيه ، فلا تنظروا إلى مشكلة الفقر ، فقر الخاطب أو المخطوبة ، فإن في فضل الله ما يغنيهم ، والله غني ذو سعة ، لا تنفد خزائنه ، ويبسط الرزق لعباده على وفق الحكمة والمصلحة ، ويخص الأزواج بمزيد من العطاء ، لاستمرار الحياة الزوجية ، قال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغنى بالنكاح ، وقد قال الله تعالى : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). وأخرج ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة ، كلهم حق على الله عونه : المجاهد في سبيل الله ، والناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء».
ثم أمر الله تعالى كلّ من يتعذر عليه الزواج ، ولا يجده بأي وجه تعذّر : أن يستعفّ ، حتى يتيسر له الغنى ، ويتفضل الله عليه بالإغناء ، ولا يقنط من رحمة الله وفضله ، فإن الله واسع الغنى ، تام العلم بأحوال الناس ، خلق الخلق وتكفل برزقهم ، وإذا كان الإنسان محاطا بعلم الله ، ومزودا بنعم الله ، فلما ذا يعصي ربه؟
ثم أمر الله تعالى المؤمنين كافة أن يكاتب السعادة مماليكهم ، وعقد الكتابة : الاتفاق على أداء مال معين في مدة معينة ، يتحرر المملوك بعدها. فإن طلب المملوك الكتابة ، وعلم سيده منه خيرا ، فيستحب له الموافقة على مكاتبته.