وأما دعوة هذا النبي فهي أقوم الدعوات ، فإنك يا محمد النبي لتدعو الناس قاطبة ، ومنهم مشركو قريش إلى الطريق المستقيم ، والدين القيم الصحيح ، وهو الإسلام ، من أجل تحقيق العزة والسيادة ، وتوفير الخير والكرامة ، وإن دعوة الإسلام قائمة على العدل والوسطية والاعتدال ، جمعت بين خيري الدنيا والآخرة ، وحققت الانسجام بين الإنسان ونفسه ، وبينه وبين الآخرين ، وربطت الإنسان بالله ربه ، ربطا متينا لا مجال فيه للالتواء والتعثر ، ولا للانحراف والضياع.
وأما المكذبون بالآخرة الذين لا يصدقون بالبعث بعد الموت ، لمنحرفون عن هذا الطريق ، لأن طريق الاستقامة واحد ، وما يخالفه تتعدد طرقه ، وتتشابك قضاياه.
والخلاصة : إن رسالة الإسلام تقوم على المعاني الخيرة ، والقيم الثابتة ، والحق الأبلج الذي لا يهادن الباطل ، ولا يعرف الانحراف أو الالتواء ، وإن جهود النبي رسول الإسلام كلها جهود مباركة وخيّرة ومشكورة ، قصده إعلاء كلمة الله والحق ، وإعلان عقيدة التوحيد لله تعالى ، والإرشاد إلى الطريق الصحيح. وأما الكافرون برسالته فهم سدنة الباطل ، وأنصار الهوى والضلالة ، وأتباع الطرق الملتوية ، المنافية لمنهج الطريق المستقيم.
إصرار المشركين على الشرك
قد تحتجب الرؤية الصحيحة عن العين والقلب بسبب الغبش أو الظلام ، فيعذر الإنسان حين ذاك ، ويحتاج إلى المساعدة والمعونة من الآخرين ، أما إن كانت الرؤية واضحة ، والحق بيّنا ، والشمس طالعة ، فلا يعذر أحد بترك العمل بما يتضح لديه ، والإذعان للحق ، والسير في ضوء النهار ، غير أن هناك فئة من الناس يكابرون في المحسوسات ، ويعاندون الحق ، ويحاربونه على الرغم من ظهوره ، وقوة حجته ،