وقد نزلت آية (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) حينما قال الوليد بن المغيرة : أو أنزل عليه الذكر من بيننا؟ فنزلت الآية.
وختمت الآية بتقرير بعض صفات الله عزوجل ، وهي كونه تام السمع لأقوال عباده ، وتام البصر والاطلاع على أحوالهم وأمورهم ، وعليما كامل العلم والإحاطة بمن يستحق اختياره للرسالة ، فقوله : (وَمِنَ النَّاسِ) هم الأنبياء المبعوثون لإصلاح الخلق ، الذين اجتمعت لهم النبوة والرسالة.
إنه سبحانه يعلم علما تاما بأحوال الملائكة والرسل والمكلفين ، ما مضى منها وما يأتي ، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم ، وقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) عبارة عن إحاطة علمه بهم ، وحقيقتها : ما قبلهم من الحوادث وما بعدهم. ويؤيدها آيات كثيرة في معناها ، منها قوله سبحانه : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) إلى قوله : (وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [الجن : ٢٢ / ٢٦ ـ ٢٨].
وختمت الآية بقوله سبحانه : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي وإليه يوم القيامة مرجع الأمور كلها ، فلا أمر ولا نهي لأحد سواه.
وهذا تنبيه إلى القدرة التامة المهيمنة على كل شيء ، وإلى تفرد الله سبحانه بالألوهية والحكم. وقوله سبحانه : (يَعْلَمُ) وقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) يتضمن مجموعهما الزجر عن الإقدام على المعصية ، وضرورة الإقبال على ساحة الطاعة والامتثال.
لقد آن للعقل البشري أن يستفيق من غيه ، وللإرادة الإنسانية أن تعود سريعا إلى ما يدل على أقل واجبات الوفاء نحو الله جل جلاله ، وإلى المبادرة بالقيام بالفرائض والطاعات ، قبل أن تغرب شمس العمر الإنساني ، ويفجأ الموت بشدته وجود الإنسان.