في الأرض لله سبحانه خلقا وملكا وعبيدا ، فكل شيء مملوك له ، خاضع لأمره ، وهو غني عما سواه ، محمود على كل حال.
٤ ـ تسخير ما في الأرض والفلك وإمساك السماء : فإن الله سبحانه ذلّل لكم أيها الناس جميع ما اشتملت عليه الأرض في ظاهرها وباطنها ، من حيوان وجمادات ومعادن وزروع وثمار ، لتنتفعوا بها في مصالحكم المختلفة ، وذلّل لكم السفن جارية في البحار ، لنقل الركاب والبضائع والأشياء بإذن الله ، ويحفظ السموات من سقوطها على الأرض إلا بإذنه وأمره ، ويحدث ذلك يوم القيامة حيث تتساقط الكواكب والنجوم ، وتتصدع السموات وتزول ، إن الله تعالى رؤف رحيم بالناس على ظلمهم ، لا يعاملهم بما يعملون.
٥ ـ الإحياء والإماتة في ثلاث مراتب منصوص عليها في غير هذه الآية ، فكنتم أيها الناس أمواتا ، ثم أحياكم بالولادة ، ثم يميتكم عند انتهاء الأجل ، ثم يحييكم يوم القيامة. وقد عبر الله في هذه الآية أولا بلفظ الماضي (أَحْياكُمْ) لأن الإحياء قد تم وحدث ، ثم عبّر بلفظ المضارع (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) للدلالة على المستقبل وهو الموت في الدنيا ، ثم البعث والحياة الجديدة في الآخرة. إن الإنسان جحود نعم الله تعالى ، فلم يقدّر تلك النعم ، ولم يهتد بها إلى عبادة الله وتوحيده ، وهجر ما عداه من الآلهة المزعومة.
وقد تكررت الآيات الدالة على هذه المراحل ، مثل قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)) [البقرة : ٢ / ٢٨]. إن المرور بهذه المراتب الثلاث مؤذن بعوامل التغير ، وأن الله قديم أزلي لا يتغير ، وأنه هو القادر الذي جعل الإنسان يمر في هذه المراحل ، حتى يظل مرتبطا بالإله الخالق ، ويفوض الأمر إليه.