ويظل الملك ، أي السلطان والتصرف لله الواحد القهار ، يوم القيامة يوم الجزاء والثواب والعقاب ، حيث لا ملك فيه لأحد ، يقضي الله بين الناس بالحق ، وهو الحكم العدل جل شأنه ، كما قال الله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)) [الفاتحة : ١ / ٤]. وقال سبحانه : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦)) [الفرقان : ٢٥ / ٢٦].
وتصدر أحكام الله قاطعة يوم القيامة ، في حق الفريقين من الناس :
ـ فالذين آمنت قلوبهم ، وصدقوا بالله ورسوله والقرآن ، وعملوا صالح الأعمال من تنفيذ الأوامر ، واجتناب النواهي ، هم في جنات النعيم المقيم ، الذي لا يزول ولا يتغير ، وهذه هي حالهم القائمة ، المبنية على حالهم في الدنيا من الإيمان الصحيح والعمل الصالح.
ـ والذين كفرت قلوبهم بالحق وجحدته ، وكذبوا بالقرآن وبالرسول ، وخالفوا الرسل ، واستكبروا عن اتباعهم ، فلهم عند ربهم عذاب مذلّ مخز ، مقابل استكبارهم عن اتباعهم الحق ، وإعراضهم عن القرآن المجيد ، كما جاء في آية أخرى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠)) [غافر : ٤٠ / ٦٠]. أي صاغرين ذليلين ، وهذه الحال أيضا : متفرعة عن حال هؤلاء في الدنيا من الكفر الصريح ، والضلال ، والانحراف عن هدي الله وشرائعه وأحكامه.
لا يملك الإنسان أمام هذه اللون من المقارنة بين مصير المؤمنين الصادقين ، والجاحدين المتمردين ، إلا أن ينصاع لصفّ الفريق الأول ـ فريق أهل الإيمان ، وتمتلئ نفسه رهبة وخشية وخوفا ، من سوء الفريق الثاني ـ فريق الكفر والضلال ، وتزداد الرهبة حين يسمع ويرى عظمة القاضي الأوحد ، والإله الأعدل ، حيث يظهر إفلاس