الإيمان الحق الذي يشمل التصديق بالله ورسله وبجميع ما أنزل الله في كتبه ، وبما شرّع من شرائع وأحكام ، وهذا هو المحسن ، وقد ذكّره الله بالوعد الحسن وبالمصير المحمود.
ثم ذكّر الله المسيء بالوعيد في قوله : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) أي ومحظور ممنوع على أهل قرية ، حكم الله بإهلاكها ، رجوعهم إلى الدنيا فيتوبون ويستعتبون ، أو رجوعهم عن الكفر إلى الإيمان والإسلام ، والعودة إلى الرشد والاستقامة ، فأولئك لا يؤمنون أبدا بسبب سوء اختيارهم وعنادهم ، وتحجر طبائعهم.
وكلمة «لا» في قوله سبحانه : (لا يَرْجِعُونَ) زائدة للتأكيد ، وهو شيء مألوف في لغة العرب.
ويستمر عدم رجوع القوم المهلكين إلى قيام الساعة وظهور أماراتها وهو خروج يأجوج ومأجوج ، وهم الناس جميعا ، يخرجون من قبورهم ، ويقبلون على ساحة الحساب من كل مكان ، مسرعين ، فقوله تعالى : (يَنْسِلُونَ) معناه : يسرعون في تطامن ، أي سكون أو انخفاض. والحدب : كل مسنّم من الأرض كالجبل والقبر ونحوه.
فإذا خرجت الأمم من القبور ، وقرب الوعد الحق ، أي يوم القيامة ، ترى أبصار الكافرين شاخصة ، أي مرتفعة الأجفان ، جامدة لا تتحرك ، ولا تكاد تنظر من أهوال القيامة وشدة أحداثها. يقولون : «يا ويلنا» أي يا هلاكنا ، قد كنا في الدنيا غافلين لاهين. بل كنا في الواقع ظالمين لأنفسنا ، بتعريضها للعذاب ، لقد كانت بنا غفلة عما وجدنا عليه الآن ، وتبيّنا من الحقائق ، ونصرح بأننا نحن الظلمة. وهذا اعتراف واضح بما كانوا عليه من تعمّد الكفر وقصد الإعراض.
إن أمر الساعة الوعد الحق سريع الحدوث ، رهيب الوقوع ، روى ابن جرير الطبري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :