مأساة يونس عليهالسلام
صدرت معجزات خارقات لقانون العادة والعرف السائد من الأنبياء عليهمالسلام ، تعجب منها العقل البشري ، بحكم المألوف المعروف لديه ، ولكنها أحوال استثنائية ، خالدة على ممر الزمان ، بتقدير الله تعالى وتدبيره ، وإجرائه إياها على أيدي الأنبياء ، لتكون معجزة مصدقة لدعوتهم ، وادعائهم النبوة. وتعدّ مأساة ذي النون يونس عليهالسلام من أغرب المعجزات حيث ابتلعه الحوت ، لعدم استئذان ربه في هجر قومه وتركهم ، ولكن الله حماه من أن تهضمه معدة الحوت الضخم ، فقذفه على الشاطئ ، بعد أن سبح في بطن الحوت وأقر بخطئه ، وأعاده الله إلى قومه الذين ألهمهم الله الإيمان ، ليكون النبي وغيره على جانب عظيم من التأدب ، أمام جلال الله وعظمته ، وتفويض الأمر له وحده ، قال الله تعالى واصفا حدث يونس عليهالسلام الغريب :
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)) (١) (٢) (٣) [الأنبياء : ٢١ / ٨٧ ـ ٨٨].
ذو النون ، أي ذو الحوت ، وصاحبه يونس بن متّى عليهالسلام ، التقمه الحوت على الحالة المعروفة ، وهو نبي من أهل نينوى ، وهو الذي قال فيه الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ فيما أخرجه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه ـ : «من قال : أنا خير من يونس بن متّى ، فقد كذب».
وفي حديث آخر لدى البخاري ومسلم وأبي داود وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما : «لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى».
__________________
(١) صاحب الحوت يونس عليهالسلام.
(٢) غضبان على قومه لكفرهم.
(٣) لن نضيق عليه بجزاء ما.