الصلاة ويؤتوا الزكاة المفروضتين. وخص الله تعالى هاتين الفريضتين بالذكر من سائر العبادات ، لسمو مرتبتهما وخطورتهما ، لأن الصلاة أشرف العبادات البدنية ، وشرعت لذكر الله تعالى ، والزكاة أشرف العبادات المالية ، وشرعت لدفع حاجة الفقراء ، وفي كلتا العبادتين تعظيم أمر الله تعالى.
وبعد تعداد هذه النعم على هؤلاء الأنبياء الأربعة : إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب ، ووصفهم من الله سبحانه بالصلاح أولا ، ثم بالإمامة ، ثم بالنبوة وشرف الوحي ثالثا ، بعد هذا وصفهم الله بصفة رابعة : وهي أنهم كانوا لله عابدين ، أي خاشعين خاضعين ، طائعين فاعلين ما يأمرون به الناس ، مخلصين لله إخلاصا تاما في عبادتهم. وفي هذا دلالة واضحة على أنهم كانوا أوفياء لإحسان الله ونعمه عليهم ، فلما أكرمهم بالنعم العظيمة ، وأمدهم بفضله من أنواع الإحسان ، كانوا أوفياء له بالعبودية ، وهو الطاعة والعبادة ، وكانوا هداة يرشدون غيرهم لأوامر الله وشرائعه وأحكامه. وكل ما يفعلون إنما هو بأمر الله ، وبما أنزله عليهم من الوحي. وهذا دليل على أن الإمام الهادي يجب أن يكون مهديا بطبعه ، مصلحا لنفسه أولا ، ثم يصلح غيره ، حتى يتحقق فيهم وصف القدوة الحسنة.
قصة لوط ونوح عليهماالسلام مع قومهما
اقترن بيان قصة لوط ونوح عليهماالسلام في موضع واحد من القرآن ، بالرغم من الفارق الزمني بينهما ، للعبرة والعظة المتشابهة ، وتطمين أهل الإيمان والثقة بالله بأن رب العزة نجّى هذين الرسولين من عذاب القوم الفاسقين الذين أبوا الإيمان برسالة هذين النبيين ، تحديا وعنادا واستكبارا ، وكانت نجاة الرسولين مع المؤمنين بسبب الصلاح والاستقامة ، والثبات على العقيدة ، والصبر على تبليغ الرسالة ، قال الله تعالى :