أنتم ، فستعلمون عن قريب في عاقبة الأمر ، من هو على الطريق الحق المستقيم ، أنحن أم أنتم ، وستعلمون من المهتدي على طريق الحق والاستقامة ، البعيد عن مهاوي الغواية ، السائر على نهج السداد والصواب.
وهذا لون من التوعّد والتوبيخ على خطأ منهج المشركين ، وكأنّ هذه الآية قسمت الفريقين : أي ستعلمون هذا من هذا.
أخرج أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يحتجّ على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة : الهالك في الفترة (١) ، والمغلوب على عقله ، والصبي الصغير ، فيقول المغلوب على عقله : ربّ ، لم لم تجعل لي عقلا؟ ويقول الصبي نحوه. ويقول الهالك في الفترة : يا ربّ ، لم لم ترسل إلي رسولا؟ ولو جاءتني لكنت أطوع خلقك لك ، قال : فترفع لهم نار ، ويقال لهم : ردوها ، قال : فيردها من كان في علم الله أنه سعيد ، ويكعّ عنها الشقي ، فيقول الله تبارك وتعالى : إيايّ عصيتم ، فكيف برسلي لو أتتكم؟».
أما الصبي والمغلوب على أمره فهما غير مكلفين ، وهما في الجنة بفضل الله ورحمته من غير حساب ولا عمل ولا عقاب إلا من علم الله شقاوته وهو المعترض. وأما صاحب الفترة : فليس ككفار قريش ممن علم وسمع عن نبوة ورسالة في أقطار الأرض ، وإنما هم الذين لا علم لهم برسالة أو نبوة صحيحة ، فهؤلاء ناجون ، فهم الذين لم يصل إليهم أن الله تعالى بعث رسولا ولا دعا إلى دين ، وهؤلاء قليلون في الدنيا ، وأهل الفترة ناجون من العذاب إلا من أخبر رسول الله أنه في النار ، وربما يكون اعتراض هؤلاء الأصناف الثلاثة حينما يعلمون أنهم في النار ، ثم ينجي الله تعالى من علم أنه سعيد فيما لو جاءه رسول.
__________________
(١) أي في الفترة ما بين زمني نبيين كما بين عيسى ومحمد عليهماالسلام.