آية أخرى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)) [الحج : ٢٢ / ٤٦].
ولقد أخّر الله العذاب المستحق لمكذبي الرسل ، والسبب في تأخير العذاب عنهم هو صدور وعد سابق من الله سبحانه بتأخير عذاب أمة النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الدار الآخرة ، ولولا هذا التأخير النافذ ، لكان عقاب ذنوبهم لازما لهم ، لا يفارقهم بحال. ثم نهى الله نبيه عن الافتتان بمظاهر الدنيا ، فلا تنظر أيها النبي إلى ما عند هؤلاء المترفين من ألوان النعيم ومتع الدنيا ، من أجل اختبارهم بها ، والتعرف على شاكريها ، لقد يسر الله لك رزقك في الدنيا ، فالله رازقك ، وثواب الله وفضله في الآخرة خير من رزقهم وأدوم وأخلد.
ثم آنس الله نبيه ، وأمره بالصبر على ما يقول هؤلاء المكذبون بآيات الله من أنك ساحر كذاب ، أو مجنون ، أو شاعر ونحو ذلك من أباطيلهم ومطاعنهم ، لا تأبه بهم ، فإن لعذابهم وقتا معينا لا يتقدم ، واشتغل بتسبيح ربك ، أي تنزيهه وشكره وأداء الصلوات المفروضة قبل طلوع الشمس ، أي صلاة الفجر ، وقبل غروبها ، أي صلاة العصر والظهر ، ومن ساعات الليل ، أي صلاة العشاء والمغرب وقيام الليل ، وفي أطراف النهار ، أي صباحا عند الفجر ومساء عند الغروب ، وتأكيدا لهاتين الصلاتين الواقعتين طرفي النهار ، سبّحه في هذه الأوقات ، رجاء أن تنال عند الله تعالى ما ترضى به نفسك من الثواب ، كما جاء في آية أخرى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥)) [الضحى : ٩٣ / ٥].
وأمر أيها الرسول أهل بيتك لإنقاذهم من العذاب بإقام الصلاة واصبر أنت وهم على فعلها ، لا نطلب منك رزقا ترزق نفسك وأهلك بل تفرغ للعبادة والتقوى ، فنحن نرزقك ونزرقهم : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)) [الذاريات : ٥١ / ٥٨]. والعاقبة المحمودة وهي الجنة لأهل التقوى والطاعة. فإذا أقمت الصلاة مع أهلك ،