تعظيم وعبادة ، تكريما وتشريفا لآدم ، فسجد الملائكة كلهم جميعا إلا إبليس أبى واستكبر ، ورفض السجود ، لأنه كان حسودا جحودا.
فقال الله : يا آدم ، إن إبليس عدو لك ولزوجك ، فلم يسجد لك وعصاني ، فلا تطيعاه ، ولا يكونن سببا لإخراجكما من الجنة ، فتتعب في حياتك الدنيا في الأرض ، في تحصيل وسائل المعاش كالحرث والزرع ، أو لا يقع منكما طاعة للشيطان في إغوائه ، فيكون ذلك سبب خروجكما من الجنة ، وسببا للشقاء ، أي التعب من عناء الزرع وغيره.
إن لك في الجنة تمتعا بأنواع المعايش ، فلا تجوع ولا تتعرى ، ولا تعطش في الجنة ، ولا يؤذيك الحر ولا تتعرض لأشعة الشمس الحادة ، كما يكون لسكان الأرض ، ويتبين الفرق بين النعيمين ، نعيم الجنة خالد دائم لا عناء فيه ، ونعيم الدنيا مؤقت مقرون بأنواع المتاعب والمخاطر.
فوسوس الشيطان لآدم ، أي كلمه خفية : ألا أرشدك إلى شجرة الخلد : وهي الشجرة التي من أكل منها لم يمت أصلا وكان ملكا مخلدا ، وألا أدلك على ملك دائم ، لا يزول ولا يفنى.
فأكل آدم وحواء من الشجرة التي منعهما الله منها ، فانكشفت عورتهما ، وسقط عنهما لباسهما ، فشرعا يلصقان عليهما من ورق الجنة كالتين وغيره مما هو كبير الورق ، فيجعلانه على سوآتهما : عوراتهما ، وعصى آدم ربّه ، أي خالف أمر ربه ، بالأكل من الشجرة المنهي عن الأكل منها ، فضلّ عن الصواب ، وفسد عليه عيشه.
ومما لا شك فيه أن مخالفة الأمر الواجب من الله أو من غيره معصية ، وأن الجزاء حق وعدل على المعصية ، لكن معصية آدم من نوع خاص ، بترتيب وتدبير وإرادة من الله عزوجل. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن