مستوية ، بلا نبات ولا بناء ، ولا انخفاض ولا ارتفاع ، فلا تجد مكانا منخفضا ولا مرتفعا ، ولا واديا ولا رابية أو هضبة. فكلمة (قاعا) أي مستويا من الأرض ، المعتدل الذي لا نشز (مرتفع) فيه. والصفصف نحو القاع في المعنى ، أي أرضا ملساء مستوية.
وحينئذ يوم تتبدل أوضاع الأرض ، يتّبع الناس داعي الله إلى المحشر ، مسارعين إلى الداعي ، حيثما أمروا بادروا إليه ، لا معدل لهم عن دعائه ، فلا يقدرون أن يميلوا عنه ، أو ينحرفوا عنه ، بل يسرعون إليه.
وسكتت الأصوات رهبة وخشية ، وإنصاتا ، لسماع قول الله تعالى ، فلا تسمع إلا همسا ، أي صوتا خفيا.
في ذلك اليوم يوم الحشر والجمع لكل البشر ، لا تنفع شفاعة أحد إلا من أذن له الرحمن أن يشفع ، ورضي قوله في الشفاعة ؛ لأن الله تعالى هو المالك المتصرف في الخلق جميعا في الدنيا والآخرة.
والسبب في تقييد الشفاعة بالإذن والرضا الإلهي أن الله تعالى يعلم جميع أحوال عباده ، مما يلقونه يوم القيامة ، وما خلفوه أو تركوه من أمور الدنيا ، ولا تحيط علوم الخلائق بذات الله تعالى ولا بصفاته ولا بمعلوماته.
وذلّت الوجوه وخضعت ، واستسلمت النفوس والخلائق كلها للإله الأحد الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينام ، وهو قيّم على كل شيء يدبره ويحفظه ، فهو سبحانه قائم بتدبير شؤون خلقه وتصريف أمورهم ، وقد خسر من حمل شيئا من الظلم والشرك. وخص الوجوه بالذكر ، لأن الخضوع بها يبين ، وفيها يظهر.
هذا حال الظالمين الجاحدين ، وأما المؤمنون الموحدون الذين يعملون الأعمال الصالحة من الفرائض المطلوبة والواجبات المشروعة ، وهم يقرنون بعملهم الإيمان الثابت الصحيح بالله ربا ، وبالرسل مبلّغين ، وبالكتب للبيان ، واليوم الآخر