والله منزل القرآن هو أيضا مالك السماوات والأرض وما بينهما من الموجودات ، ومالك كل شيء ومقدّره ، ومدبّره ومتصرف فيه ، ومالك ما تحت التراب من الكنوز والمعادن وبقية الأشياء ، فله الكون كله ملكا وتدبيرا وتصرفا.
والله تعالى عالم بالجهر والسر ، وما أخفى منه مما يخطر بالبال ، أو يجري من خواطر القلب وأحاديث النفس ، فالله عالم بكل ذلك ، وعلمه سواء ، لا يختلف فيه السر عن الجهر.
وإن صفات المجد والكمال المتقدمة : هي لله المعبود الحق ، الذي لا إله غيره ولا رب سواه ، وله أحسن الأسماء والصفات الدالة على كل الكمال ، والتقديس والتمجيد.
ومن كانت هذه صفاته ، وجب تعظيمه وتقديسه ، وإفراده بالعبادة ، والطاعة ، والتزام أمره ونهيه ، لأنه سبحانه لا يريد ولا يفعل إلا الخير والمصلحة لعباده ، فما أجدرهم بتقبل وجه المصلحة ، والبعد عن المضرة والمفسدة.
مناجاة موسى ربه
اختص كل نبي ببعض المعجزات الخارقة للعادة لتكون دليلا على صدقهم ، منها معجزات مادية وأخرى معنوية أدبية ، وقد اختص موسى عليهالسلام بصفة كونه كليم الله في عالم الدنيا في الوادي المقدس طوى ، وهي صفة عظيمة بتقدير الله وإحسانه وإعداده ، والله إذا أراد شيئا هيّأ أسبابه ، ووطّد أركانه ودعائمه ، لذا حقّ أن تذكر هذه الحادثة العظيمة ، ليتأمل بها أعداء الأديان ، وتبقى أثرا حيا موقظا للإيمان في قلوب المؤمنين ومشاعرهم ، وهذا ما نصت عليه آي القرآن الآتية :
(وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي (١)
__________________
(١) أبصرتها.