ـ وقربناه نجيا : هو التقريب بالتشريف بالكلام والنبوة ، أي أدنيناه إدناء تشريف وتقريب منزلة حتى ناجيناه أو كلمناه ، فقوله تعالى (نَجِيًّا) من المناجاة في المخاطبة ، جعلته في العالم الروحي قريب المنزلة من الله تعالى.
ـ ومنحناه من فضلنا ونعمتنا ، فجعلنا أخاه هارون نبيا لكونه أفصح لسانا وألين عريكة ، حين سأل موسى ربه أن يجعله نبيا قائلا : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢)) [طه : ٢٠ / ٢٩ ـ ٣٢]. وفي آية أخرى طالب به حين إرساله لفرعون : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤)) [القصص : ٢٨ / ٣٤].
قال بعض السلف : ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبيا ، قال الله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣)). قال ابن عباس : كان هارون أكبر من موسى بأربع سنين.
ثم أمر الله تعالى نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم أن يذكر في القرآن للعرب خبر وصفات إسماعيل ابن إبراهيم عليهماالسلام ، الذي هو والد عرب الحجاز كلهم ، وأب العرب اليوم ، وهم اليمنية والمضرية ، وصفاته أربع جعلته أيضا من بركة لسان الصدق والشرف المضمون بقاؤه على آل إبراهيم عليهالسلام ، وهو الذبيح في قول الجمهور :
إنه كان صادق الوعد ، مشهورا بالوفاء بالعهد والوعد ، فما وعد وعدا مع الله أو مع الناس إلا وفّى به ، فكان لا يخالف شيئا مما يؤثر به من طاعة ربه. وصف بصدق الوعد ؛ لأنه كان مبالغا في ذلك. روي أنه وعد رجلا في موضع ، فجاء إسماعيل عليهالسلام ، وانتظر الرجل يومه وليلته ، ثم جاء الرجل في اليوم الآخر ، فقال له : ما زلت في انتظارك هنا منذ أمس.
ـ وكان رسولا نبيا جامعا بين هذين الوصفين كأبيه إبراهيم ، وكموسى عليهم