بين المشركين
وآلهتهم المزعومة مكانا سحيقا ، وموضعا للهلاك ، هو نار جهنم ، أو واد في جهنم ،
فالموبق كما قال ابن عمر وأنس ومجاهد : هو واد في جهنم يجري بدم وصديد.
وشاهد المجرمون
الكفرة في القيامة نار جهنم ، فظنوا أنهم مواقعوها ، أي تيقّنوا وعلموا لا محالة
أنهم داخلون فيها حتما ، ولم يجدوا عنها مصرفا ، أي معدلا. والمراد : ليس لهم طريق
ولإمكان يعدل بهم عنها ، ولا بدّ لهم منها ، لإحاطتها بهم من كل جانب ، ولشدة ما
يسمعون من تغيظها وزفيرها.
ذكر ابن جرير
الطبري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الكافر ليرى جهنم ، فيظن أنها مواقعته ، من
مسيرة أربعين سنة».
وفي الجملة : هذه
الآيات توبيخ شديد لمن يوالي أو يناصر غير الله تعالى ، فإن الاستعانة بغير الله
أو طلب النصرة من أحد غير الله ، جنّ أو إنس ضلال وبهتان وانحدار عن مستوى العقل
البشري والكرامة الإنسانية ، فمن أعمل عقله بوعي ، وأصغى لنداء القرآن ، عرف أن
الملجأ الوحيد للإعانة والمساعدة والإنقاذ والنجاة في الدنيا والآخرة إنما هو الله
وحده لا شريك له.
بيان القرآن ومهام الرسل
تميز البيان
القرآني بالواقعية ، والجدية الحاسمة ، وضرب الأمثال القريبة للذهن والحس ، حتى لا
يبقى عذر أو مانع لأحد من الاستجابة السريعة لنداء الحق ، وانضم إلى هذا البيان
قيام الرسل والأنبياء بمهام التبشير والإنذار ، وإيضاح منهاج الحق الإلهي وبيان
السلوك القويم للبشرية ، ولم يعد بعدئذ سوى المكابرة والعناد والنقاش الساقط ،
والجدال بالباطل ، والإعراض عن آيات الله والاستهزاء بها ، من