من أي شجر أو نبات ، وخاوية على عروشها ، أو تصير صعيدا (أي وجه الأرض) زلقا : لا يثبت فيها قدم ، يعني أن تذهب الأشجار والنباتات ، وتبقى أرضا يابسة ، قد ذهبت منافعها ، حتى منفعة المشي ، فهي وحل لا تنبت ، ولا تثبت فيها قدم ؛ أو يغور ماؤها ويذهب ، ولن تتمكن من طلبه وإعادته مرة أخرى.
ثم أخبر الله تعالى بما حل من العذاب بحال هذا الجاحد الممثّل به ، وصفة هذا العذاب : أنه أحاط العذاب والفساد والاستئصال بثمار البساتين ونزلت الجائحة بالأموال ، فدمّرتها ، فأصبح ذلك الرجل المفتون بها نادما متحسرا على ضياع نفقته التي أنفقها عليها ، وتمنى أن لم يكن قد أشرك بربه أحدا ، وصارت جنته خاوية على عروشها ، أي سقطت عرائشها على الأرض.
ولم يجد أحدا يناصره ويؤازره من عشيرة أو ولد ، كما كان يفتخر ويتباهى ، ولم يعد منتصرا ، أي ممتنعا بقوته عن انتقام الله تعالى منه.
وفي هذه الحال من الشدة والمحق والمحنة ، تكون النصرة لله وحده ، ويؤمن فيها البرّ والفاجر ، ويعود كل إنسان طوعا أو كرها إلى الله وحده ، وإلى موالاته والخضوع له ، حينما وقع العذاب. فقوله سبحانه : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ) أي حينئذ يكون السلطان والملك والنصرة والحكم لله الإله الحق المبين.
والله سبحانه هو خير ثوابا وخير عقبا ، أي خير جزاء ، وأفضل عاقبة لأوليائه المؤمنين ، فينصرهم ويعوضهم عما فقدوه في دار الدنيا ، وتكون الأعمال الخالصة لله ذات ثواب عظيم ، وأثر طيب أو عاقبة حميدة رشيدة ، كلها خير من سابقاتها في الدنيا. وهذا دليل واضح على أن الله يجزي بالحسنة خيرا منها ، ويضاعف الله كرما وفضلا ثواب الحسنة إلى ما شاء سبحانه ، مما يحمل كل عاقل على الطمع في فضل الله وإحسانه ، والإقبال على طاعته ومرضاته ؛ لأن ما عند الله خير وأبقى.