رَبَّهُمْ) هو أن عظماء الكفار من أهل مكة جاؤوا ، فقالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو أبعدت هؤلاء الفقراء والضعفاء عن نفسك ، لجالسناك وصحبناك ، يريدون : عمار ابن ياسر ، وصهيب بن سنان ، وسلمان الفارسي ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهم من الفقراء كبلال الحبشي ونحوه ، وقالوا : إن ريح جبابهم (أثوابهم الواسعة أو السابغة) تؤذينا ، فنزلت الآية بسبب ذلك.
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى هؤلاء المستضعفين ، وجلس بينهم ، وقال : «الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معه». وروي أنه قال لهم : «مرحبا بالذين عاتبني فيهم ربي».
ومعنى الآية التي صفّيت فيها الامتيازات العربية بين الزعماء والأتباع هو : جالس أيها الرسول الذين يذكرون الله ويحمدونه ويسبحونه ، ويكبّرونه ، ويسألونه ويدعونه في الغداة (صباحا) وفي العشي (مساء) أي دوام على مجالستهم في كل وقت ، سواء أكانوا فقراء أم أغنياء ، إنهم يريدون وجه الله ، أي طاعته ورضاه.
ولا تجاوز بصرك ونفسك إلى غيرهم ، فتطلب بدلهم أصحاب الثروة والنفوذ ، وأبناء الدنيا والملابس من الكفار ، والقصد : النهي عن احتقارهم لسوء حالهم وفقرهم. وإياك أن تطيع من وجدناه غافلا ، وشغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا ، وكان مسرفا مفرطا في أعماله غاية الإسراف والتفريط ، متبعا شهواته ، وهذا يشير إلى أن سبب البعد عنهم التعاظم عن اتباع أمر الله بمفاتن الدنيا وزينتها ، هذا هو التوجيه الثاني.
ومفاده إعلان القرار الحاسم بأن المساواة الفعلية بين الناس ، أغنيائهم وفقرائهم ، وسادتهم وأتباعهم ، وحكامهم ومحكوميهم ، هو منهج الإسلام ومبدؤه الذي لا يقبل المساومة أو المفاوضة في التنازل عن شيء منه. فإن الأوصاف الطارئة من غنى وثراء ،