الملائكة بأدلة أخرى من الشرع ، والظاهر تفضيل الملائكة ، فإن قوله تعالى : (عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠)) هو ما سوى الملائكة.
والمعوّل في الحقيقة على ما يقدّم الناس من أعمال يوم القيامة ، لذا أردف الله آية تكريم الإنسان بما يذكّره من المقصود الجوهري والغاية الأصلية من خلقه ، فخاطب الله نبيه بقوله فيما معناه : أذكر أيها النبي اليوم الذي نحاسب فيه كل أمة متجمعة مع إمامهم وقائدهم ، فيقال مثلا : يا أمة محمد ، يا أمة موسى ، يا أمة عيسى ، يا أمة فرعون وأتباعه ، يا أمة النمروذ ، يا أتباع فلان وفلان من زعماء الكفر ، وفي ذلك الحساب تصفّى القضايا ، فمن أعطي من هؤلاء المدعوين كتابه بيمينه علامة على القبول ، فأولئك يتفاخرون ، ويقرءون كتابهم بفرح وسرور ، بما تضمنه من العمل الصالح ، ولا يظلمون فتيلا ، أي لا ينقصون أدنى شيء من جزاء أعمالهم الصالحة ، ومن ثوابهم لا أقل ولا أكثر من الفتيل. وعبر عن ذلك بالفتيل : وهو الخيط المستطيل في شق النواة ، للقلة في عرف الناس وعادتهم. وقوله : (يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) عبارة عن السرور بكتابهم ، أي يرددون القراءة ويتناقلونها.
ومن كان في هذه الحياة الدنيا أعمى عن حجج الله وبيناته وآياته التي أبانها في الكون ، فهو يكون كذلك أشد حيرة وأعمى البصيرة والقلب في الآخرة ، لأنه قد باشر الخيبة ، ورأى مخايل العذاب ، لا يجد طريق النجاة ، بل وأضل سبيلا من الأعمى في الدنيا.
والأعمى لفظ مستعار لمن لا يهتدي إلى طريق النجاة ، أما في الدنيا فلتركه إعمال الفكر والنظر ، وأما في الآخرة فلأنه لا ينفعه الاهتداء إلى الحق ، لأن الآخرة دار جزاء وثواب وحساب ، لا دار تكليف وأعمال وأفعال بدنية أو مالية.
ما أدهش ذلك المنظر وتلك الحقيقة حين تتطاير الصحف أو الكتب في الجو